ومن هنا نرى أنّ الفلاسفة الإسلاميين يجعلون ملاك كون الشيء حقيقة أو وهماً ، أحد أمرين :
١. أن تكون القضية مطابقة للعينية الخارجية أو مخالفة لها.
٢. أن تكون القضية مطابقة للواقعية الّتي تناسب تلك القضية ، كما هو الحال في القضايا المبحوث عنها في المنطق وعلم النفس والعلوم الحسابية والهندسية ، على ما مرّ من نماذج.
شبهات وأجوبتها
بعد أن اتّضح لك معيار وملاك الصدق والكذب ، والصواب والخطأ عند الفلاسفة الإسلاميين ، يمكنك أن تدفع كل ما أُثير حوله من شبهات ، من قبل بعض الغربيين أمثال فيليسين شاله (١) وغيره. ونحن نذكر هنا بعضها ليعلم مدى ضالتها.
الشبهة الأُولى : إنّ هذا التعريف لا ينطبق على الحقائق الرياضية ، إذ ليس لموضوعاتها وجود خارجي.
الشبهة الثانية : إنّه لا ينطبق على الحقائق النفسانية لأنّها أمور نفسية وذهنية ليس لها وراء الذهن وجود خارجي حتّى يكون الانطباق ملاك الصدق وعدمه ملاك الكذب.
ويظهر الجواب عنهما بوضوح ممّا قدّمناه.
الشبهة الثالثة : إنّ التعريف لا ينطبق على القضايا التاريخية المندثرة لزوال موضوعاتها ، فلم يبق منها شيء في زمان الإدراك حتّى تطابقه أو لا تطابقه.
وهذه الشبهة بمكان من الضعف ، وذلك لأنّ القضايا التاريخية وإن لم تكن موجودة في ظرف الإدراك والحكم ، إلّا أنّها موجودة في ظروفها. فإذا قلنا : «أرسطو تلميذ أفلاطون» كان صحيحاً ، وإذا قلنا : «أفلاطون تلميذ أرسطو»
__________________
(١)eyallahC neicileF. في كتابه الفلسفة العلمية.