الثانية استمرار للتفاحة الأولى حسب الوجود ، فهي في حالة البقاء نفس التفاحة في حالة حدوثها ، ولأجل ذلك يصحّ الحكم عليها بالطيب.
وعلى ضوء ذلك ، فلو كان التغيّر شاملاً للذات والصفات معاً ، كما إذا صار الحطب ناراً ، أو في الصفات ، كما إذا تغيّر لون الفاكهة من البياض إلى الحمرة ، فالحكم عندئذٍ على ذلك الموضوع المتغيّر ذاتاً ووصفاً ، أو وصفاً فقط ، إن كان راجعاً إلى حالاته السابقة ، يكون أشبه بالحكم على الموضوعات التاريخية المعدومة ، فالذهن يُحضر الصورة المنطبقة على الحالة الماضية ويحكم عليها بشيء. وأمّا إذا لم يكن متغيّراً في الذات والصفات ، بل بقي على ما كان عليه ، ولو ظاهراً ، فيحكم عليه بأنّه كذا وكذا. فكون الطبيعة متغيّرة ، لا يضرّ الحكم والإذعان به ، لكون اللاحق مماثل للسابق من جميع الجهات.
وهذه الإشكالات وأمثالها تعرب عن أنّ فلاسفة الغرب لم يقفوا على معالم الفلسفة الإسلامية وقوفاً كافياً ، ولم يلمّوا بنظرياتها إلماماً وافياً.
إلى هنا تمّ الكلام في بيان معيار الحقيقة والوهم في الفلسفة الإسلامية ، ونذكر فيما يلي معيارها عند الغربيين.
* * *
٢ ـ نظريات الفلاسفة الغربيين
جنح عدّة من فلاسفة الغرب إلى معايير أُخرى لتمييز الحقيقة عن الوهم ، نطرحها على منضدة التحليل.
النظرية الأولى : الحق هو المقبول والموهوم هو المرفوض
اختار هذه النظرية الفيلسوف الفرنسي «أوغست كونت» (١) (١٧٩٨ ـ
__________________
(١)etmoc etsuguA. أسس المذهب الوضعي msivitisoP القائل بأنّ الملاحظة والتجربة هما السبيل الوحيد للوصول إلى المعرفة الكاملة التامة.