الواقع الخارجي ، فهي في هذه الحالة غير ملتفت إليها ، وإنّما الالتفات إلى الواقع. وهذا هو العلم الحصولي.
وأُخرى تلاحظ بما أنّها ظاهرة نفسانية كسائر الظواهر والحالات النفسانية والوجدانية ، كالسرور والحزن ، فهي في هذه الحالة غير مغفول عنها ، بل ملتفت إليها على نحو تفصيليّ. وهي ، وإن كانت ربما تكون مأخوذة من الخارج ، إلَّا أنّ هذه الحيثية ملغاة في هذا النحو من اللحاظ. وإنّما المقوّم حينئذٍ ، كونها ظاهرة نفسانية في الضمير كسائر الظواهر النفسانية. فكما أنّ الحزن والسرور ، والبخل والحسد وغيرها ، ظواهر نفسانية غير متقيّدة بكونها مأخوذة من الخارج ، فهكذا الصور العلمية في هذا اللحاظ.
وبذلك يُعلم أنّ تعريف العلم على النحو الماضي ينطبق على الوجه الأوّل الّذي قوامه بالطريقيّة والكاشفيّة عن الخارج. وأمّا الوجه الثاني الّذي قوامه بكون الصورة ظاهرة نفسانية ، وحالة وجدانية ، فخارج عن التعريف ، لأنّ كونها مأخوذة من الخارج ، ليس إلّا كالحجر في جنب الإنسان ، لا دخل له في واقعه وحقيقته.
وأمّا القسم الثاني ، وهو علم الإنسان بذاته ، فعدم انطباق التعريف عليه ظاهر لا يحتاج إلى بيان.
* * *
الجهة الثانية ـ التعريف لا يشمل المعقولات الثانوية المنطقية
إنّ هذا التعريف كما لا يعمّ العلم الحضوريّ بكلا قسميه ، لا يشمل كذلك المعقولات الثانوية المنطقية. بيان ذلك :
إنّ المعقولات عند المنطقيين تنقسم إلى قسمين ، معقولات أوليّة وثانوية.
أمّا الأولى ، فهي عبارة عن الصور العلمية الّتي تحصل للمدرك عند اتّصاله بالخارج وارتباطه به ارتباطاً مباشراً. وهذا القسم من أوضح مصاديق انعكاس الخارج في الذهن. وهذا كالألوان والأشكال التي يقف عليها الإنسان في ظل أدوات المعرفة الحسيّة.