٣ ـ الرؤيا الصادقة
إنّ علماء النفس قسّموا الرؤيا إلى أقسام.
أ ـ أضغاث أحلام ، وهي الأحلام الّتي تنشأ من هموم الإنسان وأفكاره الّتي يعايشها في يقظته فهي تراوده عند النوم في صورة الأحلام والمنامات. وهي لا تدلّ على شيء ، لأنّها ليست سوى انعكاسات لأفكار اليقظة ومشاكل الحياة.
ب ـ تجلّي اللاوعي في صفحة الوعي ، وقد عرفت الكلام فيه. وهو إن دلّ ، فإنّما يدلّ على أنّ شخصية الإنسان ليست هي الظاهر منه فحسب ، بل له باطن لا يقلّ عن ذلك الظاهر.
ج ـ الرؤيا الصادقة ، والمراد منها الصور الواقعية المرئية عند النوم ، الحاكية عن أحداث قطعية وقعت قبل الرؤيا أو حينها أو بعدها ، ولم يكن منها في خلْد الإنسان شيء.
قال الشيخ الرئيس : التجربة والقياس متطابقان على أنّ للنفس الإنسانية ان تنال من الغيب نيلاً في حالة المنام ، فلا مانع من أن يقع ذلك النيل في حال اليقظة ، إلّا ما كان إلى زواله سبيله ، وإلى ارتفاعه إمكان.
أمّا التجربة ، والتسامع والتعارف (أي إخبار الآخرين والمعرفة الشخصية) ، يشهدان به. وليس من أحد من الناس إلّا وقد جرّب ذلك في نفسه تجارب ألهمته التصديق ، اللهم إلّا أن يكون أحدهم فاسد المزاج (١).
يريد الشيخ أنّ لكل أحد تجارب شخصية في حقل الأحلام الصادقة ، إلّا أن يكون فاسد المزاج. ويدلّ على ذلك أنّ هناك أحلاماً تحكي عن أحداث واقعة في عالم اليقظة دون أن يكون لها جذور في أعماق النفس ، ودون أن يكون لها سوابق في باطن الإنسان ، وقد ألّف غير واحد في ذلك المجال تآليف قيّمة ، من أرادها فليرجع إليها (٢).
__________________
(١) الإشارات ، مع شرحه للمحقق الطوسي : ٣ / ٣٩٩.
(٢) لاحظ «دار السلام فيما يتعلق بالرؤيا والمنام» ، للمحدث النوري (م ١٣٢٠ ه) و «الآيات ـ