مع التغيّر والسيلان ، أولاً ، ومشكلة التذكر الّذي لا يجتمع مع التبدل ، ثانياً ، إلّا إذا قال بتجرّد العلم عن المادة وأنّ له وجوداً وتحققاً غير ماديّ ليس قائماً بالدماغ وأعصابه ، ثابتاً مستقراً مهما تبدلت الخلايا والأعصاب ، والأزمنة والأمصار.
جواب الماديين عن الاستدلال
لما وقف الماديون على أنّ التذكر ـ بمعنى استرجاع الإنسان عين ما وقف عليه قبل سنين متطاولة ـ لا يتلاءم مع حصر الوجود في المادة ، وتفسير المعرفة بها ، انبروا لحلّ المشكلة ، فتعمّلوا وجهاً فاشلاً ، إليك بيانه :
قالوا : إنّ التبدلات الطارئة على البدن والدماغ ، غير مُنْكَرَة. غير أنّها تعرض أيضاً على الإدراك ، بسرعة لا تقدر القوى المدركة على ضبطها وتمييز ما يقوم مقامها. فهي أشبه شيء بالصور الموجودة في الماء الجاري ، الّتي يتخيلها الإنسان صوراً ثابتة ، وهي في الحقيقة صور سيالة تحدث واحدة بعد الأُخرى ، حسب جريان الماء وسرعته ، هذا من جانب.
ومن جانب آخر ، إنّ الخلايا الجديدة الحالّة محلّ الخلايا المتحلّلة في الدماغ وأجهزة الإدراك ، تحمل خواص المتحلل منها ، لا بمعنى أنّ خواص السابقة تنتقل إلى الحادثة بعينها ، بل المراد أنّ الخلايا الجديدة تحمل آثاراً وخواصاً تُشاكل وتُسانخ آثار الأجزاء المتحللة.
وبما أنّ التبدلات تحدث في محالّ الإدراك بسرعة ، فلا يستطيع الإنسان تشخيص النائب والمنوب عنه ، فيتخيل الإنسان عند التذكر أنّه استرجع عين ما عرفه في السنين السابقة ، رغم أنّه مضى على ذلك الإنسان والأجهزةِ الدماغية منه ، ما لا يستهان به من السنين ، وتبدل بدنه بالكليّة. ولهذا يسمّى مُشاكل الأثرِ عينَه ، ومُسانِخَه نفسَه.
يلاحظ عليه :
نحن لا ننكر شيئاً ممّا ذكروه من التحليل العلمي ، غير أنّ جوابهم لا يحلّ