الجواب الأول : للمحقق الدواني (م ٩٠٨ ه)
قال إنّ إطلاق الكيف على الصور العلمية للجوهر وسائر المقولات ، إطلاق على المسامحة ، تشبيهاً للأُمور الذهنية بالحقائق الكيفية الخارجية ، وإنّما العلم كيف في مورد واحد ، وهو ما إذا تعلّق بالكيف. وأمّا إذا تعلّق بسائر المقولات ، فبما أنّ العلم متّحد بالذات مع المعلوم ، يكون من مقولة المعلوم فحسب ، فإن كان جوهراً فجوهر ، وإن كان كمّاً فكمٌّ ، وإن كان كيفاً فمن مقولة الكيف. وعلى هذا ، فلا يلزم اندراج شيء واحد تحت مقولتين.
وإلى هذا المذهب يشير صدر المتألهين ناسباً إيّاه إلى بعض معاصري السيد الصدر (١) بقوله : إنّ إطلاق الكيف على العلم والصور النفسانية من باب المجاز والتشبيه(٢).
ويقول عنه الحكيم السّبْزَواري :
وقيل بالتشبيهِ والمسامَحَهْ |
|
تَسْمِيَةٌ بالكيفِ عنهم مُفْصَحَهْ (٣) |
وهذا الجواب قابل للتصديق ، ولكن ببيان سيوافيك آخر البحث.
الجواب الثاني : لصدر المتألهين الشيرازي (٩٧٩ ـ ١٠٥٠ ه)
إنّ الجوهر الذهني جوهرٌ بحسب ماهيته (٤) ، والكمُّ الذهني كمٌّ كذلك ، ومثلهما سائر المقولات ، ولكنه عَرَض (كيف) بحسب وجوده في الذهن ، فلا منافاة بينهما.
وقد فصَّل قدسسره في تقرير مذهبه ، تفصيلاً بالغاً (٥) ، لا يسعنا نقله ، وإنّما نوضحه أولاً ، ثمّ نورد كلام بعض شراح نظريته ثانياً :
__________________
(١) السيد السند صدر الدين الدشتكي ، المتوفى عام ٩٣٠ ه.
(٢) الأسفار : ١ / ٣٢٤.
(٣) شرح المنظومة : ٢٨
(٤) أي بالحمل الأَولي ، ومثله الكم الذهني ، وهكذا.
(٥) لاحظ الأسفار : ١ / ٢٧٧ ـ ٢٨٢.