قلنا ـ اتحاد وجود العاقل مع وجود المعقول بالذات الّذي لا وجود مستقل له عن النفس ، بل يعد مرتبة من مراتب وجودها.
فاتحاد العاقل والمعقول إذن ، هو اتحاد وجود المعلوم بالذات مع وجود النفس المدرِكة ، وأمّا حكم الاتّحاد في سائر الأُمور ، فظاهر من مسألة اتّحاد ماهية كلّ شيء مع وجوده. فماهية النفس متّحدة مع وجودها ، كما أنّ ماهية المعقول بالذات متحدة مع وجود المعقول بالذات ، وكذلك ماهية الموجود المعقول بالعرض متحدة مع وجود الشجر المعقول بالعرض. غير أنّ هذه الاتحادات خارجة عن بحث اتّحاد العاقل والمعقول.
* * *
الجهة السابعة ـ التعريف غير مانع
إنّ هذا التعريف الّذي ذكر للعلم (حضور صورة الشيء لدى العقل) ، وإن كان يعم التصور والتصديق ، اللّذين هما من أقسام العلم كما مضى ويأتي ، ولكنه يدخل فيه ما ليس من أقسامه كالوهم ، والشك ، والظن ، والجهل المركّب.
إنّ هاهنا أمرين :
الأوّل : كون التعريف شاملاً لكلا قسمي العلم.
الثاني : كونه غير مانع عن دخول ما ليس بعلم ، فيه.
أمّا الأوّل ، فلأنّ حضور صورة الشيء عند العقل تارة تكون على وجه التصور الساذج المجرّد عن أي حكم ، كتصور مثلث () إلى جانبه زاويتان قائمتان () ، من دون أن تتحقق في النفس أية فكرة عن العلاقة بينهما ، وهذا هو التصور.
وأُخرى تكون مقترنة بحكم ما ، كالحكم بأن زوايا هذا المثلث تساوي مجموع هاتين الزاويتين القائمتين ، فهذا هو التصديق.
فشمول التعريف لكلا القسمين ممّا لا غبار عليه.