٣. سلامة الحواس ، وهذا خاص بالمشاهدات الحسيّة ، فإنّ الأعمى يفقد العلم بالمبصرات ، والأصم بالمسموعات ، وفاقد الذائقة والشامّة واللامسة ، بالمذوقات والمشمومات والملموسات.
وأمّا الأدوات العقلية للمعرفة ، فإنّ حصول المعرفة بها والاستنتاج منها ، يتوقف على شروط.
مثلاً : إنّ كثيراً من الأخطاء الّتي تظهر في المعارف المستندة إلى إعمال الأدوات العقلية ، تستند إلى عدم رعاية شروط الاستنتاج. حتّى التجربة (١) ، فإنّها لا تكون منتجة إلّا إذا بلغت أعداد التجارب حدّاً يذعن معه العقل بأنّ هذا الأثر المتكرر حصوله في جميع التجارب ، مستند إلى ذات الشيء ، بلا مدخلية لزمان التجربة ومكانها ومحيطها ومجرّبها. ومن المعلوم أنّ تحصيل هذه النتيجة القطعية رهن عمليات كثيرة وجهود شاقّة. لكن الكثيرين من البسطاء يكتفون بتجارب محدودة ، ويستنتجون منها أحكاماً عامّة ، ولكنهم ما أسرع ما يفاجئون بخطئها.
فإذا كان هذا هو الحال في التجربة ، المزيجة من حسّ وعقل ، فالأدوات العقلية المحضة أولى برعاية شرائط انتاجها في صورها أولاً ، وموادّها ثانياً.
أمّا الصورة فيراعى فيها الشرائط اللازمة في صحة الإنتاج دائماً ، المذكورة في علم المنطق ، سواء في ذلك الشرائط العامة كتكرر الحدّ الأوسط ، أو الخاصة بكل شكل من الأشكال الأربعة ، كإيجاب الصغرى وكليّة الكبرى في الشكل الأول (٢).
__________________
(١) وقد مرّ عليك أنّ التجربة يتراءى أنّها أداة حسية في حين أنّها لا تكون منتجة ما لم ينضم إليها حكم عقلي.
(٢) للقياس ـ من حيث الصورة ـ شرائط عامة وأخرى خاصة.
أمّا الشرائط العامة فهي : ١. تكرر الحدّ الأوسط.
٢. إيجاب إحدى المقدمتين ، فلا إنتاج من سالبتين.
٣. كلية إحدى المقدمتين ، فلا إنتاج من جزئيتين.
٤. أنْ لا يتألف من صغرى سالبة وكبرى جزئية.
وأمّا الشرائط الخاصة : فيشترط في الشكل الأول : ١. إيجاب الصغرى.
٢. كلية الكبرى.