الفصل الثاني عشر
ما هي الصلة بين الحكمة النظرية والحكمة العملية؟
قد وقفت في الفصل الثاني على أنّ المعرفة تنقسم إلى معرفة نظرية (علمية) ومعرفة عملية ، وأنّ ما يدركه الإنسان يدور بين معلومات وأفكار ليس لها شأن سوى أن تُدرك ، ومعلومات وأفكار أُخرى من شأنها أن يعمل بها وتُجرى في حياة الإنسان.
والأوّل يشمل مسائل الفلسفة والعلوم الطبيعية والرياضية كلِّها ، فإنّ المُدْرَكات فيها من شأنها النظر فيها والاعتقاد بها فحسب ، ولا تتطلب عملاً بها وإتياناً لها.
والثاني يعمّ الأخلاق ، وما يرجع إلى المجتمع الصغير والكبير ، أعني تدبير المنزل وسياسة المدن ، فإن هذه المُدْرَكات من شأنها أن يعمل بها ، وتتطلب تطبيقها في الحياة.
وعلى ضوء ذلك ، فإدراك ما في الوجود من موجودات ـ ماديّة كانت أم مجرّدة ـ وما تتصف به ، وما تنقسم إليه ، وما يسودها من نُظُمٍ وعلاقات ، كلُّه من الحكمة النظرية ، ويقف عليه الإنسان بسبر الوجود والكون ، كلٌّ بما يوحيه إليه عقله ، وتناله قدراته الذهنية.
كما أنّ إدراك ما يرجع إلى عمل الإنسان وسلوكه في حياته الفردية والاجتماعية ، والحكم عليه بالوجوب أو التحريم ، يُعَدُّ حِكْمَة عملية. فما نقوله