والكون ، وما يقف عليه من قوانين وسنن سائدة فيه ، هي القدوة والأُسوة لحياة الإنسان الفردية والاجتماعية ، ومنها يجب أن تنطلق جميع آرائه فيما ينبغي عليه تطبيقه في شئونه العملية المختلفة. وما هذا إلّا لأنّ الإنسان جزء من الطبيعة ، ليس أجنبياً عنها ، فيجب أن يسود حياته ما يسود الطبيعة بأسرها من سنن ونواميس.
وقد تبنّى هذه النظرية كارل ماركس (١) (١٨١٧ ـ ١٨٨٣ م) ورفيقه فردريك إنجلز(٢) (١٨٢٠ ـ ١٨٩٥ م) متأثرَيْن من الأُصول الّتي أَسسها فردريك هيجل (٣) (١٧٧٠ ـ ١٨٣١ م) فيما يعرف ب «المفهوم الفلسفي للعالم» وهذه الأُصول (٤) هي :
١. حركة التطور : ويراد به أنّ المادة وكلَّ ما في الكون ، من أصغر أجزائه إلى أعظمها ، في حالة تبدّل وتغيّر مستمرّين.
٢. تناقضات التطوّر : ويراد به أنّ جميع ما يحصل في الكون من تبدّل وتغيّر وتكامل ، ينشأ نتيجة لصراع داخلي في جوهر الأشياء بين جانب السلب (٥) وجانب الإثبات (٦) ، ثمّ يتولد من هذا الصراع شيء ثالث (٧) ، هو الصورة المتكاملة للشيء (٨).
__________________
(١) xraM lraK. آلماني.
(٢)slegnE hcirdeirF. آلماني.
(٣)legeH hcirdeirF. آلماني.
(٤) وتعرف بمبادئ الجدل أو الديالكتيك تزcitcelaid.
(٥)eseht :.
(٦)es\'ehtitna : أنتي تِز.
(٧)esehtnys : سينتِز.
(٨) وقد مثّلوا لذلك بأمثلة متعددة : منها أنّ حبة الحنطة إذا وُضعت تحت التراب ، وسقيت بالماء ، ينشأ في صميم ذاتها صراع بين ما يريد نفي وجودها ، وما يريد ثباتها وبقاءها ، فيتولد من هذا الصراع تفتّح الحبة. ثمّ نموها واخضرارها ولا تزال تتطور في ظل هذا الصراع حتّى تصير نبتةً متكاملة وتنتج حاصلها.
وهكذا البيضة ، فإنّها تحمل في صميمها ما يضادها ، وبعد صراع بين الإثبات والنفي ، يتولد الفرخ.