٣. قفزات التطور : أو انتقال التبدلات الكمية إلى النوعية ، ويراد به أنّ التغيرات التدريجية في الكم ، ستنتهي إلى تبدّل فجائي آنيّ تحصل على إثره كيفية جديدة للمادة (١).
٤. الارتباط العام : أو العلاقات المتبادلة بين الظواهر الطبيعية ، ويراد به أنّ الطبيعة شيء واحد متماسك ، ترتبط فيه الأشياء فيما بينها ارتباطاً عضوياً وثيقاً ، بحيث يكون بعضها شرطاً لبعضٍ بصورة متقابلة.
هذه هي الأُصول الّتي تبنّاها ماركس وانجلز ، وبَنَيا عليها نظريتهما هذه القائلة بانطلاق العمل من الفكر.
يقول ماركس : «ليست حركة الفكر إلّا انعكاساً لحركة الواقع منقولة ومحوّلة في مخّ الإنسان» (٢).
تحليل هذه النظرية
يلاحظ على هذه النظرية أُمور :
١. إنّ الإنسان يمتاز عن الطبيعة ، وما فيها ، بالإرادة والاختيار. فإنّ الطبيعة بأسرها تخضع لقوانين وضوابط تسيّرها ، ليس بإمكانها الانفكاك عنها وخرقها ، بلا فرق بين جمادها ونباتها وعجماواتها ، بينما الإنسان موجود حرّ مستقل يختار من السنن الطبيعية ما يراه ملائماً لمصلحته الفردية والاجتماعية وينبذ ما يراه مخالفاً لها ولفطرته السليمة. وإلزامه بما في الطبيعة نوع من الجبر.
ويمكننا أن نلاحظ ذلك في الأصل الّذي تبنّاه الماركسيون ، أعني قفزات التطور ، وانتقال التغيّرات الكميّة إلى حالة كيفية جديدة ، انتقالاً آنياً ، حيث إنَّهم استفادوا منه لزوم حصول الثورات في المجتمعات البشرية بشكل دائم
__________________
(١) ويمثلون لذلك بأنّ الماء عند تسخينه ، ترتفع درجة حرارته رويداً رويداً ، ويحصل بذلك تغيّرات كمية بطيئة ، حتّى تصل حرارته إلى درجة معينة هي مائة مئوية ، فينقلب عندها من حالة السيلان إلى حالة البخارية ، فتحصل كيفية جديدة في الشيء.
(٢) المادية والمثالية في الفلسفة : ٨٣.