السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ) (١).
وما جاء في هذه الآية ، وإنْ كان جملةً خبريةً ، ولكنَّ الهدف من الإخبار هو دعوة أولي الأَلباب «ليذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ...».
٥. يخاطب سبحانه موسى عليهالسلام بقوله : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا) (٢). فهذه معرفة نظرية رتب عليها حكمةً عمليةً ، فقال : (فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (٣).
٦. إنّ قوم قارون قالوا له : (وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (٤).
فقوله : (كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) ، معرفة نظرية لا تمتّ إلى العمل بصلة ، استُدِل بها على تكليفٍ عملي وهو قوله : (أَحْسِنْ).
٧. وقال سبحانه : (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ) (٥).
فما في هذه الآية معرفةٌ نظريةٌ ، استُدِل بها على معرفة عمليةٍ ، وهي قوله في الآية الّتي تليها : (أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ) (٦).
ولا يمكننا القول بانقطاع الآية الثانية عن الآية الأُولى في المضمون ، وإنّما العرف يتلقّى مضمون الآية الأُولى علةً لمضمون الآية الثانية.
هذا هو السؤال ، ويرجع لبُّه إلى أنّ القرآن يستدلّ ـ في الآيات المذكورات وغيرها ـ بالمعرفة الكونية والقوانين السائدة على العالم والطبيعة ، على أحكام خُلُقيّة وعبادية ، وهذا يؤيّد النظرية الأُولى.
__________________
(١) آل عمران : ١٩١.
(٢) طه : ١٤.
(٣) طه : ١٤.
(٤) القصص : ٧٧.
(٥) الرحمن : ٧.
(٦) الرحمن : ٨.