خاتمة المطاف
ثبات المعرفة وتطورها
لا شك أنّ معرفة الإنسان بالكون وشئونه وسننه ، لم تزل في تزايد وتكامل مطّرد ، مذ عرف البسيطة ، وفتح عينيه على آفاق هذا الوجود الوسيع. كما أنّه لمّا يَزَل يقف على أخطائه وعثراته في بعض ما توصل إليه ، أو يكتشفه من معارف ، في ظل تطور العلوم وترقّيها. وهذا يعرب عن اتّصال وثيق بين المعارف البشرية ، بحيث تؤثّر المعرفة الثانية في المعرفة الأُولى ، إكمالاً أو تأسيساً.
ولكنّ المرءَ يتساءل : هل تطور المعرفة وتكاملها في حقل من حقول العلم ، يؤثّر في جميع المعارف البشرية ، أو أنّ تأثيره يقتصر على بعضها فقط ، ممّا كان بينه وبين ذلك العلم المتكامل مسانخة؟
تراءى للبعض ، الأوّل ، ولكن الحقّ هو الثاني ، فإنّ الأوّلَ باطل من جهتين :
الجهة الأُولى : لو قلنا بأنّ التطور في معرفةٍ ما ، والوقوف على آفاق جديدة في علم ، يؤثّر في جميع المعارف الأُخرى ، للزم عدم الجزم والإذعان بقضية من القضايا ، وذلك لأنّا على يقين بأنّه سيحصل تطور في جانب من المعارف ، والمفروض أنّه مؤثّر في جميعها ، فيلزم أن تكون جميع المعارف دائماً في رحاب الشك ، وعلى ساق الترديد ، وهو عين السفسطة الّتي لا يقبلها عاقل ولا حكيم.
الجهة الثانية : إنّ شأن الترابط بين العلوم والمعارف والتأثير فيما بينها ، شأن