الحكماء الأوائل ، أو المجموع المركّب منه (الحكم) ومن تصورات النسبة وطرفيها ، كما هو رأي الإمام الرازي؟ ، اتّجاهان.
ثمّ على الاتّجاه الأول ، هل متعلّق الحكم هو ذات النسبة ؛ أو وقوعها وعدم وقوعها ، لأنّ النسبة إمّا واقعة والقضية موجبة ، أو ليست بواقعة والقضية سالبة؟ ، قولان ، اختار ثانيهما صاحب المواقف وشارحه.
والتعريف البسيط لتقسيم العلم إلى التصور والتصديق أن يقال : إنّ العلم إمّا تصور ساذج ، أو تصور معه تصديق.
وتقسيم العلم إلى التصور والتصديق من الواضحات ، فإنّهما قسمان متمايزان بالذات ، فإنّك إذا تصورت نسبة أمر إلى آخر ، فقد علمت ذينك الأمرين والنسبة بينهما قطعاً ، فلك في هذه الحالة نوعٌ من العلم. ولو حكمت بأحد طرفي النسبة حصل هناك نوع آخر من العلم ممتاز عن الأوّل بحقيقته ـ وجداناً ـ وبحسب آثاره ولوازمه. فالأوّل لا يقبل الصدق والثاني يقبله.
* * *
٢ ـ انقسام العلم إلى ضروري واكتسابي
ينقسم العلم إلى ضروري ومُكْتَسَب. وقد عُرّف كلٌّ منهما بوجوه ، أحسنها أن يقال:
الضروري ، ما لا يحتاج في حصوله إلى كسب ونظر وفكر ، فيحصل بالاضطرار والبداهة ، الّتي هي المفاجأة والارتجال من دون توقّف ، كتصوّرنا لمفهوم الوجود والعدم ومفهوم الشيء ، وكتصديقنا بأن الكلّ أعظم من الجزء ، وبأنّ النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان ، وأنّ الواحد نصف الاثنين.
والنظري ، ما يحتاج حصوله إلى كسب ونظر وفكر ، كتصور حقيقة الروح والكهرباء أو التصديق بأنّ الأرض ساكنة أو متحركة حول نفسها وحول الشمس ، وهذا ما يسمّى بالكسبي.
وبعبارة أخرى : إنْ كان حصولُ العلم بشيء ، غيرَ متوقف على توسط