والرسم الناقص ، هو التعريف بالخاصّة وحدها.
ولكن الأصل في التعريف هو الحد التام ، لأنّ المقصود من التعريف أمران :
أولهما : تصوّر المعرّف بحقيقته ، لتتكوّن له في النفس صورة تفصيلية واضحة.
وثانيهما : تميّزه في الذهن عن غيره تميّزاً تامّاً.
ولا يؤدَّى هذان الأمران إلّا بالحدّ التام ، وعند ما يتعذر الأمر الأول يُكتفى بالثاني.
نعم ، المعروف بين العلماء أنّ الاطّلاع على حقائق الأشياء وفصولها ، من الأُمور المتعذّرة ، وكلُّ ما يذكر من الفصول ، فإنّما هو خواص لازمة تكشف عن الفصول الحقيقية. وعلى ضوء هذا فالتعاريف الموجودة بين أيدينا أكثرها أو كلُّها رسوم تشبه الحدود(١).
ويسمّى الحدّ بالمعرِّف ، وتجب معرفة المعرِّف قبل المعرَّف ، وأن يكون المعرِّف غير المعرَّف (٢) وأجلى منه.
كما أنّه لا يعرَّف الشيء بما لا يعرف إلّا به بمرتبة أو أكثر (٣).
كما لا بُدّ أن يكون المعرِّف مساوياً للمعرَّف في العموم والخصوص ، ليحصل التمييز ، إذ لولاه لدخل فيه غير المعرَّف ، فلم يكن مانعاً ومطَّرداً ؛ أو خرج عنه بعض أفراده ، فلم يكن جامعاً ومنعكساً.
أقسام التصديق الكسبي
ينقسم التصديق الكسبي إلى قياس واستقراء وتمثيل ، وإليك بيانها إجمالاً :
__________________
(١) وسيأتي الكلام فيه عند البحث عن حدود المعرفة.
(٢) المراد هو الغيرية في المفهوم ولو بالإجمال والتفصيل ، كالحيوان الناطق بالنسبة إلى الإنسان.
(٣) لاستلزامه الدور.