٢. المغالطة ، وهي القياس المفيد تصديقاً جازماً ، وكان المعتبر فيه أن يكون المطلوب حقّاً ، ولكنه ليس بحقّ واقعاً.
٣. الجدل ، وهو ما يفيد تصديقاً جازماً ، ولكن لم يعتبر فيه أن يكون المطلوب حقّاً ، بل المعتبر فيه عموم الاعتراف أو التسليم ، والغرض منه إفحام الخصم وإلزامه.
٤. الخطابة ، وهي ما يفيد تصديقاً غير جازم ، والغرض منه إقناع جمهور الناس.
٥. الشعر ، وهو ما يفيد غير التصديق من التخيّل والتعجب ونحوهما. والغرض منه حصول الانفعالات النفسية.
ويسمّى البحث عن كل واحد من هذه المواد الخمس ، الصناعة. وقد تطلق الصناعة على القدرة على استعمال أحدها عند الحاجة ، فيقال : صناعة البرهان ، صناعة المغالطة ... والصناعة اصطلاحاً : ملكة نفسانية وقدرة مكتسبة يقتدر بها الإنسان على استعمال أُمور لغرض من الأغراض ، صادراً ذلك الاستعمال عن بصيرة ، بحسب الإمكان ، كصناعة الطب. ولذا مَنْ يغلط في أقيسته لا عن بصيرة ومعرفة بموقع الغلط ، لا يقال : عنده صناعة المغالطة ، بل مَنْ عنده الصناعة هو الّذي يعرف أنواع المغالطات ، ويميّز القياس الصحيح من غيره ، ويغالط في اقيسته عن عمد وبصيرة (١).
وجهة نظر أُخرى في أقسام الكسبيات
ما تقدم كان أقسام العلوم الكسبية من حيث التصور والتصديق ، ولكن
__________________
(١) إنّ هذا الفصل من أحسن بحوث علم المنطق ، وقد قصّر فيه المتأخرون. وأجود ما كتب في هذا الموضوع منطق التجريد للمحقق نصير الدين الطوسي وشرحه تلميذه العلّامة الحلّي في الجوهر النضيد ، من الفصل الرابع إلى الفصل التاسع. وأخيراً ما دبّجته يراعة الأُستاذ الفذّ الشيخ محمد رضا المظفر قدسسره ، في كتابه المنطق الّذي اغترف فيه من معين الأُصول المنطقية ، وهذّب كتب المتقدمين بأحسن عبارة. وقد فصّل الرازي الكلام في أقسام التصديقات في الجزء الأول من كتابه «المباحث المشرقية» : ٣٤٤ ـ ٣٤٥.