والكلي هو ما لا يمتنع العقل من فرض صدقه على كثيرين. كالعلم بالإنسان المعقول ، حيث يجوّز العقل صدقه على كثيرين في الخارج.
والجزئي هو ما يمتنع العقل من تجويز صدقه على كثيرين ، كالعلم بهذا الإنسان ، الحاصل بنوع من الاتصال بمادته الحاضرة ، ويسمى علماً حسياً وإحساسياً. وكالعلم بالإنسان من غير حضور مادته ، ويسمّى علماً خيالياً. وعَدُّ هذين المثالين من العلم الجزئي إنّما هو من جهة اتصال أدوات الحسّ بمادة المعلوم الخارجي في العلم الحسِّي ، وتوقّف العلم الخيالي على سبق العلم الحسِّي ، وإلّا فالصورة العلمية ، سواء أكانت حسّية أم خيالية أم غيرهما ، لا تأبى ـ بالنظر إلى ذاتها ـ من الصدق على كثيرين.
* * *
٦ ـ انقسام العلم إلى تفصيلي وإجمالي
إذا وقف الإنسان على أشياء مختلفة ، بصورة متمايزة ، منفصل بعضها عن بعض ، كعلمه بأنّ هذه شجرة ، وهذا جبل ، وهذه سحابة ، فالعلم تفصيلي.
وأمّا إذا وقف على أشياء مختلفة ، بصورة واحدة بسيطة ، لا انفصال فيها ولا تمايز ، ولكن إذا سئل عنها أجاب عنها بإحكام وإتقان ، فيسمى علماً إجمالياً. وهذا كملكات العلوم ، فإنّها حالات بسيطة ، لكنها خلّاقة للتفاصيل. فالأديب له ملكة بسيطة للإجابة عن المسائل الأدبية ، فإذا سئل عن تلك المسائل ، مترتباً متعاقباً ، أَحْضَر الأجوبة بصورة مفصّلة. فهذه الصور التفصيلية علم تفصيلي ، والحالة البسيطة الحاصلة قبل إلقاء الأسئلة والإجابة عنها ، علم إجمالي.
* * *
٧ ـ انقسام العلم إلى علمي وعملي
إنّ العلوم الّتي ينالها الإنسان تنقسم إلى قسمين :
١. أفكار علمية بحتة ، تعطي النفس كمالاً ، من دون أن تؤدّي إلى العمل بها. وهذا كعلمنا بالواجب وصفاته وأفعاله ، وكعلمنا بما في الكون من أجرام