بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
كلمة المؤلف
الحمد الله المتفرّد في كماله ، والمتعالي في جلاله ، والمتجلي ببهائه وجماله ، الذي أغرق الكائنات بفيض نعمه ، وكفى بوجودها بعد عدم نعمةً وكرامةً. ثمّ خصّ منها الإنسان بوافر عطائه ، (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) (١) ، حتى عادت ألطف الموجودات له خاضعة ، (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا) (٢).
ولم يكن امتياز الإنسان عن سائر الكائنات إلّا بعلمه ومعرفته ، (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) (٣) ، وإنّما سجدت له الملائكة لذلك ، (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها)(٤).
وكرامة العالم والمعرفة التي بها كمال الإنسان وشرافته ، إنّما هي ثمرة جهود الأدوات التي جهّزه خالقه بها في ظاهره وباطنه ، (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً ، وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) (٥) : الحسّ
__________________
(١) سورة الإسراء : الآية ٧٠.
(٢) سورة البقرة : الآية ٣٤ والإسراء : ٦١. الكهف : ٥. طه : ١١٦.
(٣) سورة العلق : الآيتان ٤ و ٥.
(٤) سورة البقرة : الآية ٣١.
(٥) سورة النحل : الآية ٧٨.