ومجرَات ، وما يسودها من سنن ونُظُم ، فكلها معارف علمية صرفة ، ليس من شأنها أن يعمل بها.
٢. أفكار ينالها الذهن ، ليعمل بها الإنسان بمحض إرادته. وهذا كعلمنا بأنّ العدل بين الرعية واجب ، أو حفظ النظام لازم ، أو الإنفاق على الزوجة لازم ، أو الإحسان إلى اليتامى والمُعْدَمين لازم ، وغير ذلك من مباحث الحكمة العملية في مجالات الأخلاق أولاً ، وتدبير المنزل ثانياً ، وسياسة المدن ثالثاً.
وعلى كل تقدير ، فالمعرفة ، علمية كانت أم عملية ، معرفة ذهنية ، لا أكثر ، غاية الأمر أنّ الثانية من شأنها أن يُعمل بها وتؤدَّى في الخارج ، دون الأولى.
والمُدْرِك للمعارف الأولى هو العقل النظري ، كما أنّ المدرِك للثانية هو العقل العملي. وهذا لا يروم إلى أنّ للإنسان عقلين مختلفين ، ومُدْرِكين متباينين ، بل ليس هناك سوى عقل واحد ، يدرك قضايا مختلفة ، من شأن بعضها أن يطبّق في الحياة ، وهي العملية ، دون بعضها الآخر الّتي هي النظرية.
* * *
٨ ـ انقسام العلم إلى حقيقي واعتباري
إنّ المفاهيم الواقعة في إطار التعقُّل والتصوُّر ، تنقسم ـ حسب محكيِّها ـ إلى أقسام :
١. ما يكون وجوده في نفسه ، ولنفسه ، وبنفسه. ويراد منه ما يكون له مفهوم مستقل ، غير ناعت للغير ، ولا قائم به ، وهو واجب الوجود.
٢. ما يكون وجوده في نفسه ، ولنفسه ، ولكن بغيره. وهو الجواهر ، كالإنسان ، فإنّ لها مفهوماً مستقلاً (في نفسه) ، غير ناعت لشيء (لنفسه) ولكن بحكم أنّها موجودات إمكانية ، تكون قائمة بالغير (بغيره وهو علته).
٣. ما يكون وجوده في نفسه ، ولكن لغيره ، وبغيره. وهو الأعرا٠٦٣٦ؤؤ ؤر ، كالبياض والسواد ، فإنّ لها مفاهيم مستقلة (في نفسه) ، ولكنها حسب الوجود