نقض قول المستدلّ وردّه ، لأنّ المستدلّ ينفي وجود علمٍ كاشف عن الواقع ، نفياً باتّاً ، وعلى نحو السالبة الكليّة ، فكفى في ردّه إثبات نقيضها وهو الموجبة الجزئية وهي أنّ ثمة علوماً ضرورية لا ينكرها أحد.
وعلى ضوء ذلك ، كيف يمكن أن يشطب على جميع ما لدى الإنسان من آراء وأفكار؟!
وثانياً : إنّ ما ذكره هو بحدّ ذاته استدلال عقلي ، يحاول به إثبات ما يتبنّاه. فلو لم يكن للإدراك العقلي وبرهانه قيمة ولا وزن ، فما معنى هذا الاستدلال والبرهنة؟
الشبهة الرابعة ـ معرفة شيء لا تنفك عن معرفة ما لا يتناهى
العلوم الكونية يرتبط بعضها ببعض ، وإنّ التعرُّف على شيء يتوقف على التعرف على ما لا نهاية له ، بحكم الصلة السائدة بين الأُمور المادية.
وبعبارة أُخرى : إنّ التعرف على فرد من أفراد الإنسان ، يتوقف على التعرّف على آبائه وأجداده وكل ما له دخل في تكوّن جسمه وروحه وآرائه وأفكاره. وطروء خطأ طفيف في هذا التعرّف ، يوجب الخلل في معرفة الفرد.
والجواب
أولاً : إنّ المستدلّ قد اعترف في هذا الاستدلال ، من حيث لا يشعر ، بواقعيات متعددة ، منها أنّ الحسّ والعقل من أدوات المعرفة. ومنها أنّ التعرف على شيء يتوقف على معرفة تاريخ وجوده وكل ما كان مؤثّراً في تكوّنه ، حيّاً كان أو جماداً. ومنها أنّ تلك المعرفة ـ لأجل سعتها ـ لا تقع تحت إطار القدرة الإنسانية. ومنها أنّ الخطأ في المقدمات يوجب الخطأ في ذيها. إلى غير ذلك من الواقعيات والحقائق الّتي أقرّ بها المستدلّ في استدلاله. ومع ذلك كيف يمكن أن يصير شكّاكاً غير مذعن بشيء؟
وثانياً : إنّ الاستدلال إنّما يتمّ إذا أريد التعرف على شيء بكماله. وأمّا إذا