المكتسبة ، فجاءت أكمل فلسفة عرفها الناس إلى ذلك الحين. فذاع صيته في البلاد ، وعرف بسمو العقل ، ولُقِّب بالإلهي. وكان عقلاء زمانه على فلسفته وآرائه. وكان له مذهبان ، مذهب عام ظاهر بينه وبين الناس ، ومذهب خاص لا يفاتح به إلّا الأخصاء ممن يثق بعقلهم وثباتهم (١).
بعض آرائه الفلسفية
إنّ لأفلاطون الإلهي ، في طريق المعرفة اليقينية ، آراءً تُميِّز منهجه عن غيره ، نشير إلى أُصولها الرئيسية :
أ ـ أرباب النوع أو المثل الأفلاطونية
قد اشتهر أفلاطون بنظرية المثل وأرباب النوع إلى حدّ انّها صارت تُنسب إليه فيقال لها المثل الأفلاطونية لأنّها وليدة أفكاره ، أو أنَّها من أُستاذه سقراط ، لكنّه قررها بوجه رائق.
خلاصة هذه النظرية : إنّ كلَّ نوع ذي أفراد طبيعية كونيّة ، له فرد مجرّد تامٌّ ، على عاتقه تربية تلك الأفراد ورعايتها وإبلاغها إلى الكمال. وهذه الأفراد الطبيعية يطرأ عليها الفناء والاندثار ، وأمّا ذلك الفرد المجرّد فيبقى ولا يندثر ولا يفسد.
قال أفلاطون : إنّ لكلّ موجودٍ (جوهريٍّ) صورة مجرّدة في عالم الإله (٢) ، وإنّها لا تندثر ولا تفسد ولكنها باقية ، وإن الّذي يندثر ويفسد إنّما هو الموجودات الطبيعيّة الماديّة.
وعلى ذلك ، فالإنسان بما أنّه جوهر ذو أفراد طبيعية مادية ، فله فرد تام مجرّد يعتني بشئون أفراده المادية بإخراجها من القوة إلى الكمال. ومثله جميع أنواع الحيوان والنبات ، فلكل نوع فردٌ قارٌّ ثابتٌ غير مندثر ، كما أنّ له أفراداً مندثرة فانية.
__________________
(١) لاحظ دائرة معارف القرن الرابع عشر ، ج ١ ، مادة «أفل».
(٢) المراد من عالم الإله هو عالم التجرّد عن المادة الّذي يسمى بعالم الحدوث.