بجوهريّته وقوّته ، وغاية نقصه بعرضيّته وضعفه وإضافته إلى محل» (١).
ب ـ خلق الأرواح قبل الأبدان
ومن الآراء المنقولة عن أفلاطون ، قوله بقدم النفوس الإنسانية ، وأنّها خلقت قبل الأبدان ، فكانت موجودة بصورة مستقلة عنها قبل تكوُّنها.
وقد أثارت هذه المسألة بين الإلهيين اختلافاً عميقاً : فمن قائل بقدم النفس قدماً زمانياً لا ذاتياً ، وأنّها خلقت قبل البدن ثمّ تعلقت به حسب مشيئته سبحانه ؛ إلى قائل بحدوثها ذاتاً وزماناً ، ولكل أدلته وحججه ، مذكورة في محلها(٢).
ج ـ الاستذكار
إنّ لأفلاطون في الإدراكات نظرية خاصة معروفة بنظرية استذكار المعلومات السابقة ، وقد استنبطها من الأصلين المتقدمين ، وهما :
الأوّل : إنّ لكل نوع فرداً تامّاً مجرداً غير مشوب بالمادة والماديّات ، على عاتقه تربية الأفراد الطبيعية.
والثاني : وجود النفس الإنسانية مستقلة عن البدن قبل تكوّنه ، وقد كان متحرراً عن المادة وقيودها تحرراً كاملاً.
وعلى ضوء هذين الأصلين ، قال : إنّ النفس الإنسانية كانت قبل تعلقها بالبدن ، متحررة عن كل قيد ، فأمكنها الاتّصال بالمثل النورية المجردة ، فتعرّفت عليها تعرفاً كاملاً.
__________________
(١) الأسفار : ٢ / ٦٢.
(٢) لاحظ الأسفار : ٨ / ٣٣٠ ـ ٣٥٥. وقد اختلفوا أيضاً في وجه هبوطها من ذلك العالم إلى عالم الطبيعة وتعلقها بالبدن ، فمن أراد التفصيل ، فليرجع إلى الأسفار الأربعة : ٨ / ٣٥٦ ـ ٣٦٤.