٣ ـ أرسطو (١) (٣٨٤ ـ ٣٢٢ ق م)
هو أعظم فيلسوف جامع لفروع المعرفة الإنسانية. ويمتاز على أُستاذه أفلاطون بدقة المنهج واستقامة البراهين والاستناد إلى التجربة الواقعية. وهو واضع علم المنطق أو جامعه ومكمّله ، ومِنْ هنا لقّب ب «المعلّم».
ولد في اسطاغيرا من مقدونية. تعاطى في البداية صناعة الطب ، ثمّ شخص إلى أثينا في عصر ازدهار الفلسفة ، وكان شيخها إذ ذاك أفلاطون ، فالتحق به نحواً من عشرين سنة ثمّ اعتزله.
منهجه في المعرفة
كان بين منهج أرسطو وأستاذه أفلاطون فوارق. فالأُستاذ كان يعتمد على العقل فقط ، ولكن التلميذ اعتمد على العقل والحسّ معاً ، وأعطى لكل منهما حقّه. ولأجل ذلك كثرت كتبه في علمي الطبيعيات والإلهيات.
فإذا كان الأستاذ متبنياً لنظرية قدم النفوس ، فقد كان هو يتبنّى حدوث النفس مع البدن لا قبله ولا بعده ، وهي تُعَدّ صورة للبدن.
وإذا كان الأُستاذ يتبنّى نظرية الاستذكار وأنّ الروح ، كانت ـ قل هبوطها إلى عالم الطبيعة ـ تعرف الحقائق ، فلما هبطت نسيت كل ما كانت تعلمه ، ثمّ تبدأ بتذكره تدريجياً كلما شاهدت الأُمور الجزئية الّتي تُعِدُّها لتذكّر ما قد نسيته من العلوم والمعارف ؛ فقد أنكر التلميذ كل ذلك ، وقال إنّ الروح منذ نشوئها وتكونها خالية من كلّ علم ومعرفة ، وإنّما تكتسبهما في هذه النشأة.
وإذا كان الأُستاذ يقول بأنّ المفاهيم الكليّة ظلال المُثُل وانعكاساتها ، فالتلميذ كان يقول بأنّها مصنوعة للنفس حيث إن لها قدرة تجريد الجزئيات وانتزاع المفاهيم الكلية منها ، فتحذف مثلاً من كل فرد ـ كزيد وعمرو .. ـ الخصوصيات المشخِّصة ، وتأخذ بالجهة الجامعة وهي المفهوم الكلي.
__________________
(١)eltotsirA.