مثال القسم الأول جسم أو بعد لا يتناهى.
ومثال القسم الثاني علل ومعلولات لا تتناهى وما عدا ذلك كله جملة وعدد فرضت آحاده معا أو متعاقبة لا ترتيب لها وضعا ولا طبعا فإن وجود ما لا نهاية له فيه غير مستحيل.
مثال القسم الأول : نفوس إنسانية لا تتناهى وهي معا في الوجود بعد مفارقة الأبدان.
ومثال القسم الثاني : حركات دورية وهي متعاقبة في الوجود ومدار المسألة على الفرق بين الإيجاد والإيجاب وبين التقدم والتأخر وإن ما حصره الوجود فهو متناه من غير فرق بين الأقسام ، وما لا يتناهى قط لا يتصور إلا في الوهم والتخيل دون الحس والعقل ولا بد من بحث على محل النزاع حتى يتخلص فيكون التوارد بالنفي والإثبات على محل واحد من وجه واحد فيصبح انقسام الصدق والكذب والحق والباطل ولا يتبين محل النزاع إلا بالبحث عن أقسام التقدم والتأخر فقال القوم : التقدم والتأخر يطلق ويراد به التقدم بالزمان كتقدم الوالد على الولد ويطلق ويراد به التقدم بالمكان والتأخر به كتقدم الإمام على المأموم وقد يسمى هذا القسم متقدما بالرتبة وقد يطلق ويراد به الفضيلة كتقدم العالم على الجاهل وقد يطلق ويراد به التقدم بالذات والتأخر بها كتقدم العلة على المعلول وهؤلاء قصدوا في إطلاق لفظ الذات فإنهم أرادوا به العلية والذات أعم من العلية فكان من حقهم أن يقولوا التقدم بالعلية ثم العلة الغائية تتقدم على المعلول في الذهن والتصور لا في الوجود فهي متأخرة في الوجود متقدمة في الذهن بخلاف العلة الفاعلية والعلل الصورية فإنها لا تكون مقارنة في الوجود فافهم هذا فإنه ينفعك في نفس المسألة حيث يستشهدون بشعاع الشمس مع الشمس وحركة الكم مع حركة اليد فإنهما وإن تقارنا في الزمان أنهما إذا أخذا على أن أحدهما سبب والثاني مسبب لم يتقارنا في الوجود لأن وجود أحدهما مستفاد من وجود الآخر ، فوجود المفيد كيف يقارن وجود المستفيد لكن إذا أخذا على أن وجودهما مستفاد من وجود واهب الصور فحينئذ يتقارنان في الوجود وهناك لا يكون أحدهما سببا والثاني مسببا ومنهم من زاد قسما خامسا : وهو التقدم بالطبع كتقدم الواحد على الاثنين ولو طالبهم مطالب لم حصرتم الأقسام في أربعة أو خمسة لم يجدوا على الحصر دليلا سوى الاستقراء حتى لو قيل لهم ما الذي أنكرتم على من زاد قسما سادسا وهو التقدم والتأخر في الوجود من غير التفات إلى الإيجاب بالذات ، ولا التفات إلى الزمان والمكان والتقدم للواحد على الاثنين شديد الشبه بهذا القبيل ، فإن الواحد ليس بعلة