لا يفيد فائدة ، ومنها ما يدرك نظرا بأن يعتبر الحسن والقبح في الضروريات ، ثم يرد إليها ما يشاركها في مقتضياتها ثم يرتبون على ما ذكرناه قولهم في الصلاح والأصلح واللطف والثواب والعقاب.
وقد فرق أبو الحسن الأشعري بين حصول معرفة الله تعالى بالعقل وبين وجوبها به فقال : المعارف كلها إنما تحصل بالعقل لكنها تجب بالسمع وإنما دليله في هذه المسألة لنفي الوجوب التكليفي بالعقل لا لنفي حصول العقلي عن العقل.
قال أهل الحق : لو قدرنا إنسانا قد خلق تام الفطرة كامل العقل دفعة واحدة من غير أن يتخلق بأخلاق قوم ولا تأدب بآداب الأبوين ولا تزيّا بزي الشرع ، ولا تعلم من معلم ، ثم عرض عليه أمران أحدهما : أن الاثنين أكثر من الواحد ، والثاني : أن الكذب قبيح بمعنى أنه يستحق من الله تعالى لوما عليه لم يشك أنه لا يتوقف في الأول ، ويتوقف في الثاني ومن حكم بأن الأمرين سيان بالنسبة إلى عقله خرج عن قضايا العقول وعاند عناد الفضول أو لم يتقرر عنده أن الله تعالى لا يتضرر بكذب ، ولا ينتفع بصدق ، فإن القولين في حكم التكليف على وتيرة واحدة ، ولم يمكنه أن يرجح أحدهما على الثاني بمجرد عقله.
والذي يوضحه : أن الصدق والكذب على حقيقة ذاتية لا تتحقق ذاتهما إلا بأن كانت تلك الحقيقة مثلا كما يقال إن الصدق إخبار عن أمر على ما هو به والكذب إخبار عن أمر على خلاف ما هو به ونحن نعلم أن من أدرك هذه الحقيقة عرف التحقق ولم يخطر بباله كونه حسنا أو قبيحا فلم يدخل الحسن والقبيح إذا في صفاتهما الذاتية التي تحققت حقيقتهما ولا لزمتهما في الوهم بالبديهة كما بينا ولا لزمها في الوجود ضرورة فإن من الأخبار الصادقة ما يلام عليها كالدلالة على نبي هرب من ظالم ومن الأخبار التي هي كاذبة ما يثاب عليها مثل إنكار الدلالة عليه فلم يدخل كون الكذب قبيحا في حد الكذب ولا لزمه في الوهم ولا لزمه في الوجود فلا يجوز أن يعد من الصفات الذاتية التي تلزم النفس وجودا وعدما عندهم ولا يجوز أن يعد من الصفات التابعة للحدوث فلا يعقل بالبديهة ولا بالنظر فإن النظري لا بدّ وأن يرد إلى الضروري البديهي ، وإذا لا بديهي فلا مرد له أصلا فلم يبق لهم إلا استرواح إلى عادات الناس من تسمية ما يضرهم قبحا وما ينفعهم حسنا ونحن لا ننكر أمثال تلك الأسامي على أنها تختلف بعادة قوم دون قوم وزمان وزمان ومكان ومكان وإضافة وإضافة ، وما يختلف بتلك النسب ، والإضافات لا حقيقة لها في الذات ، فربما يستحسن قوم ذبح الحيوان وربما يستقبحه قوم وربما يكون بالنسبة إلى قوم وزمان