في شرع نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم كيف حل ذلك على اتحاد اللحمة ، وحرم هذا على تباعد اللحمة ونحن فربما نتجوز فنضيف الحرام والحلال إلى الأعيان فنقول الخمر حرام والكلب نجس والماء طاهر وهذا يحرم لعينه ، وهذا يحرم لغيره وهذا نجس العين وهذا نجس بعارض وكل ذلك يجوز في العبادة وإلا فهي كلها أحكام شرعية نزلت منزلة صفات عقلية وأضيفت إلى الأعيان والأفعال إضافة حكمية والحسن والقبح في الصدق والكذب كالحلال والحرام في الزنا والنكاح وكالجواز والحظر في البيع والربا.
وقد تمسك الأستاذ أبو إسحاق بطريق لا بأس به فقال : صحة كون الضدين مرادا على البدل يوجب التوقف مثاله من خاف التلف من شيئين على البدل ولم يكن له دليل يدل على أحدهما بالتعيين يوجب التوقف في الأمرين.
وقال أيضا : العقل يقضي بأن من له الإيجاب ، والإيجاب حقه فصاحب الحق له أن يطلب ، وله أن لا يطلب سيما إذا كان مستغنيا عن المطالبة به وعن تحصيله له وقبل الرسالة لا سبيل إلى معرفة مطالبته للعبد بحقه ، فإنه ربما يطالب وربما يتفضل بالإسقاط فيتوقف العقل في ذلك وهذا كله من قبيل تعارض الأدلة في العقل لكن الخصم يعتذر عن هذا ويقول أحد الطريقين آمن على الحقيقة ، والثاني مخوف والأخذ بالآمن أولى ، فإنه إن أخذ بأنه ربما يطالبه بحقه فإذا أدى حقه أمن من المعاقبة وإن أخذ بأنه ربما يتفضل خاف لأنه ربما لا يتفضل فإنما يستقيم أن لو كان التعارض متساوي الطرفين من كل وجه فيتوقف العقل ضرورة.
وقال الأستاذ : الشكر يتعب الشاكر ولا ينتفع المشكور فلا فائدة في فعله لاستواء فعله وتركه.
قال الخصم : الشكر ينفع الشاكر ولا يضر المشكور فوجب فعله لترجيح نفعه على ضره.
قال الأستاذ ربما يضر الشاكر لأنه قابل كثير نعم الله تعالى بقليل شكره ولا شك أن من أنعم على إنسان بكثير من النعم خطيره وحقيره فأخذ الحقير يشكر عليه عد من السفه ووجب اللوم عليه وضرب له حديث الرغيف المعروف.
قال الخصم : ليس الشاكر من يقتصر على بعض النعم أو على الحقير منها بل الشاكر من يستوعب بشكره جميع النعم ثم ربما يخص بعضها بالذكر تنبيها على الباقي.
قال الأستاذ : التعرض لمقابلة النعم بالشكر كفر فإنه رأى المقابلة جزءا وكفاء وقط لا يكافئ نعم الله التي لا تحصى بالشكر فإنه إن أوقع شكره في مقابلة نعمه على أنه يكافئه لئلا يكون تحت منه فهو كفران محض ، وإن كان على أنه ينفعه كما انتفع به