القاعدة الثامنة عشرة
في إبطال الغرض والعلة في أفعال الله تعالى وإبطال القول بالصلاح
والأصلح واللطف ومعنى التوفيق والخذلان والشرح والختم والطبع
ومعنى النعمة والشكر ومعنى الأجل والرزق (١)
مذهب أهل الحق : أن الله تعالى خلق العالم بما فيه من الجواهر والأعراض وأصناف الخلق والأنواع لا لعلة حاملة له على الفعل سواء قدرت تلك العلة نافعة له أو غير نافعة إذ ليس يقبل النفع والضر أو قدرت تلك العلة نافعة للخلق إذ ليس يبعثه على الفعل باعث فلا غرض له في أفعاله ولا حامل بل علة كل شيء صنعه ولا علة لصنعه.
وقالت المعتزلة : الحكيم لا يفعل فعلا إلا لحكمة وغرض والفعل من غير غرض سفه وعبث والحكيم من يفعل أحد أمرين إما أن ينتفع أن ينفع غيره ولما تقدس الرب تعالى عن الانتفاع تعين أنه إنما يفعل لينفع غيره فلا يخلو فعل من أفعاله من صلاح ثم الأصلح هل تجب رعايته قال بعضهم تجب كرعاية الصلاح وقال بعضهم لا تجب إذ الأصلح لا نهاية له فلا أصلح إلا وفوقه ما هو أصلح منه ولهم كلام في اللطف وتردد في وجوب ذلك (٢).
وقد قالت الفلاسفة واجب الوجود لا يجوز أن يفعل فعلا لعلة لا ليحمد ويتزين بالحمد والشكر ولا لينتفع أو يدفع الضرر ولا لأمر داع يدعوه ويحمله على الفعل والعالي لا يريد أمرا لأجل السافل بل الأفعال صدرت عن المبادئ الأول ، وهي استندت إلى العقل الفعال وإنما أبدع العقل بلوازمه وأبدع بتوسطه سائر الأشياء على وجه اللزوم عنه ضرورة إذ ليس يتصور وجود واجب الوجود إلا كذلك.
قالوا : إفادة الخير والصلاح من المنعم تنقسم إلى ما يكون لفائدة وغرض يرجع إلى المفيد والفائدة تنقسم إلى ما هو مثل المبذول كمقابلة المال بالمال وإلى ما ليس مثلا كمن يبذل المال رجاء للثواب والمحمدة أو اكتساب صفة الفضيلة وطلب الكمال به وهذه أيضا معاوضة وليس بجود كما أن الأول معاملة وليس بإنعام بل الجود والإنعام هو إفادة ما ينبغي من غير عوض وغرض فالأول قد أفاد الجود على الموجودات كلها
__________________
(١) سنذكر مصادر التوثيق والتحقيق لكل مسألة على حدة.
(٢) انظر : المواقف للإيجي (٣ / ٢٩٨).