القاعدة التاسعة عشرة
في إثبات النبوات (١)
وتحقيق المعجزات ووجوب عصمة الأنبياء عليهمالسلام
صارت البراهمة والصابئة إلى القول باستحالة النبوات عقلا وصارت المعتزلة وجماعة من الشيعة إلى القول بوجوب وجود النبوات عقلا من جهة اللطف وصارت الأشعرية وجماعة من أهل السنة إلى القول بجواز وجود النبوات عقلا ووقوعها في الوجود عيانا وتنتفي استحالتها بتحقيق وجودها كما ثبت تصورها بنفي استحالتها.
فقالوا : بم يعرف صدق المدعي ، وقد شاركناه في النوعية والصورة بنفس دعواه ، وقد علم أن الخبر محتمل للصدق والكذب بدليل آخر يقترن به ، وذلك الدليل إن كان مقدورا له فهو أيضا مقدورنا ، وإن لم يكن مقدورا له ولكنه مقدور بقدرة الله تعالى ، فلا يخلو إما أن يكون فعلا معتادا ولا يختص ذلك بهذا المدعي ، فلا يكون دليلا وإن كان فعلا خارقا فمن أي وجه يدل على صدقه والفعل من حيث هو فعل لا يدل على الاختصاص بشخص معين سوى اقترانه بنفس دعواه وللاقتران أسباب أخر محتملة كما لخرق العادات أحوال مختلفة وإذا احتملت الوجوه عقلا لم تتعين جهة الدلالة فانحسم باب الدليل من كل وجه أما نفس الاقتران فربما لا يتفق في بعض الأحوال إذ الفعل فعل الله تعالى ، وهو منوط بمشيئته ، فكيف يوجب المدعي على الله فعلا يفعله في
__________________
(١) انظر : غاية المرام في علم الكلام للآمدي (ص ٣١٥) ، والجواب الصحيح لابن تيمية (٢ / ٢٤ ، ٣٠) (٣ / ٤٦١) (٥ ـ ٦ / ٤٢٨) ، الفرق بين الفرق للبغدادي (ص ١٤) ، والفصل في الملل والنحل لابن حزم (١ / ١٠ ، ٥٦ ، ٦٣) ، والملل والنحل للمصنف (٢ / ٦٠ ، ٢٥٠ ، ٢٥١) ، وفضائح الباطنية للغزالي (ص ٤٠ ، ٤٢) ، والتعرف للكلاباذي (ص ٧٢) ، ومنهاج السنة النبوية لابن تيمية (ص ١١ ، ١٩ ، ٣٧) ، والعقيدة الأصفهانية (ص ٣١ ، ١٣٨ ، ١٨٨ ، ١٩٤ ، ١٩٥) ، وبيان تلبيس الجهمية لابن تيمية (١ / ١٤٠ ، ١٦٢ ، ٢٥٤) (٢ / ١٣٥) ، وأعلام النبوة للماوردي (ص ٢٢ ، ٢٥ ، ٢٦ ، ٢٩ ، ٤٩ ـ ٥٤ ، ٩٣ ، ٩٦) ، والمواقف للإيجي (٣ / ٣٢٩ ، ٣٣١) ، وأصول الدين (ص ١١٩) ، لمع الأدلة للجويني (ص ١٢٣) ، والغنية في أصول الدين للنيسابوري (ص ٥٥) ، والتمهيد للباقلاني (ص ١٧٤) ، وإيثار الحق على الخلق لمحمد القاسمي (ص ٢١ ، ٣٦ ، ٦٥ ، ٧٠ ، ٧٧ ، ٨٣ ، ٨٥ ، ٢٢٩ ، ٢٦٨ ، ٣٩٦).