مسلّم ولا يصح أيضا بنا التقسيم عليه أنه تأخر بمدة أو لا بمدة.
فإن قيل : لا بدّ من نسبة ما بين الموجد والموجد وإذا تحققت النسبة فبمدة متناهية أو غير متناهية.
قلنا : ولا بد من نفي النسبة بين الموجد والموجد إذ لو تحققت النسبة بمدة متناهية أو غير متناهية كان وجوده زمانيا قابلا للتغير والحركة أليس لو قال القائل : ما نسبة واحد منا حيث حدث وله أول كان السؤال محالا أليس لو قال القائل ما نسبة العالم منه تعالى حيث وجد وله نهاية أفيباينه أو يجاوره فإن باينه أفبخلا أو بينونة تتناهى أم لا تتناهى كان السؤال محالا ، كذلك نقول في المدة فإن الجزئي كالكلي والزمان كالمكان.
وجواب آخر عن التقسيم نقول ما المعنيّ بالمدة أهي عبارة عن أمر موجود أو عن تقدير موجود أم عن عدم بحت ، فإن كان أمرا موجودا محققا فهو من العالم فلا يكون قبل العالم وأيضا الموجود إما قائم بنفسه أو قائم بغيره وعلى الوجهين جميعا لا يمكن تقديره قبل العالم ، وإن كان أمرا مقدرا وجوده والتقديرات الوهمية تجويزات وليس كلما يجوّزه العقل أو يقدره الوهم يمكن وجوده جملة حاصلة فإن وجود عالم آخر وكذلك إلى ما لا يتناهى مما يجوز يقدره الوهم وكذلك الأعداد التي لا تتناهى مما يقدره الوهم لا مما يجوزه العقل وبالجملة الجائزات كلها لا يمكن أن توجد جملة حاصلة فيكون ما لا يتناهى مما يحصره الوجود وذاك محال فعلم أن تقدير أزمنة غير متناهية لا يكون كالتحقيق وما يمكن وجوده جملة معا أو متعاقبا لا يمكن أن يكون مشحونا بما لا يتناهى وإن كانت المدة عبارة عن عدم بحت ، فلا يتناهى ولا يتناهى في عدم البحث.
وجواب آخر : لم قلتم إن المدة لو كانت متناهية لتناهى وجود الباري تعالى فإن تناهي المدة كتناهي العالم مكانا وهو مصادرة على المطلوب الأول وتعبير عن محال النزاع ثم تناهي العالم مكانا ليس يقتضي تناهي ذات الباري تعالى لأنه لا مناسبة بينه وبين المكانيات والمكان كذلك تناهي العالم زمانا لا يقتضي تناهي وجود الباري لأنه لا مناسبة بينه وبين الزمانيات والزمان ، ولم قلتم إن المدة لو لم تكن متناهية في التقدير العقلي أمكن أن يوجد فيها موجودات في التحقيق الحسي.
شبهة أخرى : قال ابن سينا حكاية عن أرسطاطاليس : كل حادث عن عدم فإنه يسبقه إمكان الوجود ضرورة وإمكان الوجود ليس هو عدما محضا بل هو أمر ما له صلاحية الوجود والعدم ولن يتصور ذلك إلا في مادة فكل حادث فإنه يسبقه مادة ثم