لأنه نقض لعادتها ، وإن كان معتادا لأهل البصرة ، وكذلك لو قال : آية صدقي أن ينبت الله نخيلا بخراسان كان ذلك آية معجزة له.
وأما الجواب عن السؤال الثالث : أن نقول كل من عارضه شك في صدق المتحدي وجب إراحته لكن المعجزة إذا ظهرت لأهل الخبرة وحصل لهم العلم بذلك وهم جم غفير فأحرى أن لا يبقى شك لأهل الصناعات الأخر وإن أشد الناس إنكارا من كان عنده خبرة وبصيرة بخواص الأشياء وأحوال أهل المخرقة والتخيل وإذا ظهرت المعجزة على خلاف ما توهموه فهم أولى الناس بالقبول وأما العامة فالتخيلات والمخاريق إذا أورثت لهم شكا في الحال فأولى أن لا يعتريهم ريب في مقال أصحاب المعجزات فيلزمهم الإقرار بتصديقه ويلزم غيرهم من العامة إذا سمعوا منهم جلية الأمر الاعتراف به من غير توقف ولا ريب ولا يجب على النبي عليهالسلام تتبع آحاد الناس وإفراد كل واحد بمعجزة خاصة وإذا تقرر صدقه فنسبة قوله إلى من صح عنده كنسبته إلى غيره إما في زمانه وهو في قطر آخر باستفاضة الخبر إليه والمواترة عليه وإما في غير زمانه بالنقل والاستفاضة والشيوع.
وأما الجواب عن السؤال الرابع نقول : نحن نجوز الإضلال على الله تعالى ولكن بشرط أن لا يقع خلاف المعلوم وبشرط أن لا يتناقض الدليل والمدلول ولا يلتبس الدليل والشبهة وبشرط أن لا يؤدي الأمر إلى التعجيز وبشرط أن لا يؤدي إلى التكذيب في القول ونذكر لكل واحد وجها ومثالا فنقول إذا علم الرب تعالى أنه يرسل رسولا يهتدي به قوم فهو كما يعلم أنه ينصب دليلا يستدل به قوم فلو أضلهم بعين ذلك الدليل وقع الأمر على خلاف المعلوم وذلك محال وكذلك إذا أخبر أنه يرسل رسولا يهتدي به ثم إذا أضل كل من بعث إليه تناقض الخبر وانقلب الصدق كذبا وذلك محال فإن الكذب لا يجوز على الله تعالى وإنما لا يجوز ذلك عليه لأن الكذب إخبار عن الشيء على خلاف ما هو به وهو يعلمه على ما هو به وكل من علم شيئا كان له خبر عن معلومه والخبر عن المعلوم خبر عن ما هو به فلا يجتمع في العالم خبران متناقضان وإذا علم الرب تعالى صدق النبي وأخبر عن صدقه فقد صدقه ومن صدقه فلا يجوز أن يكذبه ومن وجه تناقض الدليل أن جهة الدلالة في القرينة وفي الفعل لا تختلف فإذا دل الشيء على شيء لا يجوز أن يدل على خلافه فإن ذلك غير مقدور كما أن جهة التخصيص إذا دلت على الإرادة لم تدل على خلاف ذلك فجهة التخصيص بالتصديق لا تدل على خلاف قصد المخصص بالتصديق فإرسال رسول وإخلاؤه عن دليل الصدق وإظهار معجزة والقصد بها إلى إضلال الخلق وإظهار خارق للعادة على يدي كاذب في معارضة دعوى النبي كل ذلك محال لما ذكرناه أنه يؤدي