ببعض وذلك كالحرمة في الأجنبيات ترتفع بالعقد الصحيح والحل في المنكوحة يرتفع بالطلاق المبين وكأحكام المقيم تخالف أحكام المسافر وأحكام الرجال في بعض الأحوال تخالف أحكام ربات الحجال وإذا كانت الأحكام قابلة للرفع والوضع والتغيير والتبديل فما المستحيل في وضع أحكام على أقوام في زمن ثم رفعها عن أقوام في زمن آخر ثم يقابل التكليف بالأفعال وتقابل التغييرات العقلية من الموت والحياة والصحة والسقم والراحة والشدة والنعمة والبلية وإنبات الزرع وإفساده وإنشاء الحيوان وإهلاكه وخلق الإنسان وإفنائه تارة إلى مدة وتارة في الحال من غير مهلة تصريفه لا بدّ أنهم حيث يشاء كما يشاء (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) [الأنبياء : ٢٣] ، بالتغييرات التكليفية من الإباحة والحظر والإيجاب والإطلاق والمشي تارة إلى موضع والوقوف تارة في موضع والقيام تارة والقعود أخرى تصريفا لعقولهم ونفوسهم كما يشاء حيث يشاء (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) [الأنبياء : ٢٣] ، (فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [يس : ٨٣] ، له الملك والخلق والأمر والفعل والقول والتصريف والتكليف أليس الخلق الأول في مادة الإنسان يتصرف في تربيته من سلالة إلى نطفة إلى عقلة إلى مضغة إلى عظام إلى كسوة العظام لحما إلى خلق آخر فتبارك الله أحسن الخالقين أنشأ من طور إلى طور أبدا من كور إلى كور وكل مرتبة ناسخة للصورة الأولى لابسة صورة أخرى ثم خالفت تلك الصورة إلى أخرى كذلك الأمر الأول في كسوة صورة لنوع الإنسان يتصرف بتربيتها من شريعة إلى شريعة وكل شريعة ناسخة صورة ولابسة أخرى حتى ينتهي إلى كمال الشرائع كلها وتختم بخاتم النبيين كلهم وليس بعد الكمال والاستقامة إلا المعاد والقيامة «بعثت أنا والساعة كهاتين» فيتم الخلق هنالك ويتم الأمر هاهنا وتختم الخلقة بكمال حال النطفة إنسانا تاما وتختم الشريعة بكمال حال الشرع الأول دينا تاما كاملا (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) [المائدة : ٣] ، رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد المصطفى صلىاللهعليهوسلم نبيا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا.
وقد نجز غرضنا من سبعة عشر قاعدة في بيان نهايات أقدام أهل الكلام وإن تنفس الأجل وأمهل العمر شرعنا في عشرين أخرى بيان نهايات أوهام الحكماء الإلهيين وعند ذلك يحق لنا أن نقول وحقا وصدقا نقول متبركين بألفاظ الصالحين وهي