إلى الفعل وقدرنا خروجه إلى الفعل لزم المحال الذي ذكرنا هذا كما يقال ما من جسم إلا ويمكن أن يتصل به جسم آخر بحيث لا يقف الوهم إلى حد ونهاية ثم لا يدل ذلك على أن جسما لا يتناهى متصور الوجود بل الاتصال في الجسم يجوز إلى حد لا ينتهي إلى هذا المحال وهو تصور جسم لا يتناهى وإن بقي الوهم في حال التقدير الوهمي وذلك مما يتمثل في الوهم من خلاء خارج العالم فإنه يتوهم حدا ونهاية للعالم ثم يقدر فضاء وخلاء ينتهي به وإلا فيثبت خلاء فارغا وذلك خلاف العقل وبرهانه.
ويسلك إمام الحرمين في إثبات الجزء الفرد مسلكا آخر فقال نفرض الكلام في كرة حقيقية وبسيط حقيقي ونضرب بالكرة على البسيط أفيلاقيه أم لا؟ فإن لاقاه أفيلاقيه بمنقسم أم لا فإن لاقاه بمنقسم فليست كرة بل هو بسيط وإن لاقاه بغير منقسم فذلك الجوهر الفرد ويمكن أن يطرد هذا البرهان أيضا في البسيط المتناهي بحده فإن الحد خط والخط طول لا عرض له فقد تناهى الجسم فإن كان الحد الذي يتناهى به منقسما لم يكن خطا وأن لم ينقسم عرضا وانقسم طولا فينقسم إلى نقط وهو أمر لا ينقسم وذلك هو الجزء الفرد عند المتكلم وعلى كل حال متناه فإنما يتناهى بأمر لا ينقسم سطحا وخطا ونقطة وإلا لم يكن نهاية.
فإن قيل السطح والخط والنقطة أعراض عندنا فالنقطة عرض للخط والخط عرض في السطح والسطح عرض في الجسم وما كان عرضا لا يقبل الوصف بالتجزئة والجوهر الفرد عندكم حجم له جثة ومساحة فلذلك لزمكم ما لا يلزمنا في أبعاده الثلاثة قلنا هب أنه أعراض قائمة بالجسم أليست هي أعراضا تنقسم بانقسام الجسم فإن النقطة على أصلكم شيء ما لا تنقسم والخط ينقسم طولا ولا ينقسم عرضا والسطح ينقسم عرضا ولا ينقسم عمقا والجسم ينقسم طولا وعرضا وعمقا وكما أن الأعراض تنقسم بانقسام المحل وتتحد باتحاد المحل ويتحد المحل باتحاده وكما أنكم سميتم هذه الأعراض نهايات الجسم كذلك الجوهر عندنا أطراف ونهايات وليست بذي أطراف كما سنبين.
أما شبههم قالوا لو قدرنا جوهرا بين جوهرين أفيلاقي ما على يمينه بعين ما على يساره أم بغيره فإن قلتم بعينه فهو سفسطة فإن قلتم بغيره فقد ثبت التجزؤ في الجوهر الفرد وكذلك لاقى أحدهما بكله أو ببعضه فإن لاقاه بكله وأسره لم يبق للثاني ملاقاة فإن المشغول بكل وأسر كيف يصير مشغولا بغيره وإن لاقاه ببعضه فقد تجزأ وكذلك صوروا جوهرا على متصل جوهرين فإنه يلاقي الجوهرين السفلاوين وإنما يلاقي كل واحد منهما بطرف غير الآخر وإن منع هذا التصوير فصوروا خطا مركبا من ستة أجزاء وخطا يحاذيه من ستة أجزاء وعلى رأس أحد الخطين جوهر وعلى