ذنب الخط الآخر جوهر وقدرنا تحرك الجوهرين في حالة واحدة على تساوي الحركتين فلا شك أنه يمتاز أحدهما على الثاني ويتحاذيان ويتقابلان على نقطة وليسا متحاذيين إلا على الثالث والرابع فيكون الجوهر المتحرك على متصل الثالث والرابع محاذيا للجوهر الثاني وكذلك ألزمونا جواهر محفوفة جواهر فلا شك أنه يماس كل واحد من الجواهر بغير ما تماس البواقي فتنقسم بستة أجزاء وكذلك النقطة في الدائرة تلاقي أجزاء الدائرة فلو لا أن فيها بالقوة ما في أجزاء الدائرة وإلا لما لاقتها وكذلك لو قدرنا جوهرا متحركا على محيط الدائرة وجوهرا متحركا على مركز الدائرة وبين الجوهرين خط متصل بهما جميعا فإن تحرك الجوهر على المحيط حركة واحدة وقطع حيزا واحدا وتحرك الخط بحركته فيجب أن يتحرك الخط الذي على المركز أقل من تلك المسافة وإنما قلتها أو كثرتها ببعد طول الخط وقصره وذلك هو بعد المسافة بين المحيط والمركز فيؤدي إلى أن ينقطع من المركز أقل من جزء واحد وذلك مثل القول بالتجزؤ ومثل حركة الشمس مع الظل فإن الشمس تتحرك عن فلكها أقداما كثيرة حتى يظهر في الظل قدم واحد فلو قدرنا حركتهما بمقدار جزء واحد فيجب أن يتحرك الظل بمقدار ألف جزء من جزء فيتجزأ الجزء المفروض.
الجواب عن هذه الشبهات من وجهين أحدهما الإلزامات والمعارضات والثاني التحقيق.
أما الأول فنقول بنيتم هذه الإلزامات على قضية مذهبنا لا على مقتضى مذهبكم لأن على مقتضى مذهبكم لا يتصور جوهر فرد وليس هذا التقدير والفرض على مقتضى مذهبنا صحيحا فإن الذي أثبتناه معقول بالدليل غير محسوس ولا موهوم وذلك أنا أقمنا البرهان على أن جسما محدودا متناهيا محصورا لا يشتمل على ما ليس يتمناه وغير محدود ولا محصور فلا يجوز أن يتجزأ أبدا فبقي التجزؤ مدلول دليلنا العقلي ثم يلزم أن يبقى شيء لا ينقسم ولا يتجزأ ونسميه جوهرا فردا هذا كما قررتموه في إثبات الهيولى والصورة جوهرين وحققتم الفصل بين الجوهرين عقلا لا حسا وأحلتم انفصال أحدهما عن الثاني على مقتضى مذهب وجوزتم على مقتضى مذهب فتوجه الإلزام عليكم ونقول الهيولى جوهر قابل للتحيز والتشكل والتحيز والتشكل صورة في الهيولى والجسم مركب منهما وكل واحد منهما على الانفراد لا يقبل الوصف بالتجزي ومجموعهما قابل أفيقبل التجزؤ من حيث الصورة أم من حيث الهيولى.
فإن قبل التجزؤ من حيث الصورة فهو باطل فإن الصورة اتصال والاتصال كيف يكون قابلا للانفصال بل قابل للانفصال أمر آخر وهو الهيولى.