وحيثما وسعنا الدائرة تكثرت نسبها ولا يوجب ذلك تكثرا في ذاتها كذلك القول في الجزء الفرد ينسب إلى جزء على اليمين وجزء على اليسار أو إلى ستة أجزاء محفوفة به ولا يوجب ذلك تكثرا في الذات ونقول قد بينا أن الجسم إنما يقبل التجزؤ بهيولاه لا بصورته فإن قابل الاتصال والانفصال يجب أن يكون غير الاتصال في الانفصال لأن الاتصال يزول بالانفصال ولا يزول القابل بوجود المقبول فنقول أفتقوى تلك الهيولي على قبول صورة الاتصال إلى ما لا يتناهى فإن قويت حصل جسم لا يتناهى وبعد لا يتناهى واتصال لا يتناهى وذلك محال وإن لم تقو على ذلك بل قوتها إلى حد ما تنتهي إليه هو الجزء الفرد الذي لا يتجزأ بقي هاهنا في هذه الصورة وهو الانفصال في جانب الوهم إنه لا يقف حتى يقدر عالما متصلا بعالم آخر إلى ما لا يتناهى فذلك عمل الوهم المخالف لبرهان العقل فلا نقبل ذلك بل نقول ثم إن الوهم إنما يصدق بشرط أن لا يؤدي إلى جسم غير متناه وذلك خلاف العقل ونقول هاهنا إن الوهم إنما يصدق بشرط أن لا يؤدي إلى أجزاء غير متناهية وذلك خلاف العقل وهذا آخر ما ينتهي إليه نظر الناظر في هذه المسألة فإن الخصم ربما يساعد على أن الأجزاء التي هي غير متناهية بالفعل في الجسم غير متصور وإنما يخالف في القوة والوهم وقد ثبت في القوة أن هيولى الجسم قوته لا تقوى على قبول انفصالات بلا نهاية كما لا تقوى على قبول اتصالات بلا نهاية وقد بينا في الوهم أن الوهم لا يقف إلى حد لا يتوهم زيادة على الجسم المحدود كزيادة عالم آخر وزيادة فضاء وخلاء وراء العالم كذلك لا يقف إلى حد لا يتوهم نقصانا على الجسم إلى نقصان آخر حتى يقدر ملاقي الجسم لا يتناهى وبعض الفلاسفة يفطن فيما وراء العالم فلم يثبت خلاء وفضاء بتناهي الأجسام وما يفطن فيما هو داخل العالم فأثبت خلاء وفيضا بلا تناهي الأجزاء ولا خارج من المحيط ولا داخل في المركز والله أعلم.