بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
صلى اللّه على سيدنا محمد وآله
مقدمة المصنف
أحمد من تفرد بعظمته وكبريائه وتقدس بصفاته وأسمائه وتنزه عن مشابهة خلقه بقدمه وبقائه أحاط بكل شيء علما فلا يعزب عنه مثقال ذرة في أرضه وسمائه ووسعت قدرته الممكنات فلا تبرح عن إبداعه وإنشائه ودل حدوثها وتخصيصها بوقت الإيجاد على إرادته وقضائه.
وأصلي على أول النفوس القدسية المختصين بتشريفه واعتنائه خصوصا على سيدنا محمد المصطفى خاتم أنبيائه وعلى آله وأصحابه وعترته وأوليائه صلاة دائمة أعدها ليوم لقائه.
وبعد :
فإن العلوم كثيرة والمعارف جمة غزيرة وأشرفها العلم الإلهي الذي فاز عالمه بالسعادة وأعدت له الحسنى وزيادة تفتقر العلوم إليه ولا يفتقر إليها وتعول في مقدماتها عليه ولا يعول عليها.
لا جرم كان الأولى صرف عنان العناية إليه وإرسال سهم القريحة عليه وكانت له مدة ـ منذ ركدت ريحه وخبت مصابيحه ـ فلا تجد إلا طالب علم ينيله رئاسة دنياه ولا يشتغل بأخراه ولا بأولاه إلى أن طلع الآن بسمائه شمس نور آفاقه ومد على الخافقين رواقه وهو سيدنا ومولانا الإمام الكبير العالم العلامة فخر الدنيا والدين حجة الإسلام والمسلمين غياث النفوس أبو عبد اللّه محمد بن إبراهيم الأبلي رضي اللّه عن مقامه وأوزعني شكر أنعامه شيخ الجلالة وإمامها ومبدأ المعارف وختامها ألقت العلوم زمامها بيده وملكته ما ضاهى به كثيرا ممن قبله ومل كته ما لا ينبغي لأحد من بعده فهي جارية على وفق مراده سائغة له حالتي إصداره وإيراده.
فاقتطفنا من يانع أزهاره واغترفنا من معين أنهاره وأفاض علينا سيب علومه وحلانا بمنثور دره ومنظومه إلى أن قرأنا بين يديه كتاب المحصّل الذي صنفه الإمام