الركن الأول في المقدمات
المقدمة الأولى في البديهيات (١)
إدراك الحقيقة من حيث هي هي لا مع اعتبار حكم تصور ومعه تصديق ولا شيء من التصورات بمكتسب لوجهين :
الوجه الأول : أن المطلوب إن كان مشعورا به امتنع طلبه لحصوله وإلا الذهول عنه وإن كان من وجه دون وجه امتنع لحصول أحدهما الذهول عن الآخر.
ولقائل أن يقول : ليس المطلوب الوجه.
الوجه الثاني : تعريف الماهية بنفسها وإلا تقدم العلم بها على العلم بها لأن المعرّف قبل المعرّف ؛ ولا بالخارج لجواز اشتراك المختلفات في لازم فيتوقف على معرفة اختصاصه بها دون غيرها فيلزم تصورها وهو دور وتصور غيرها ولا يتناهى.
ولقائل أن يقول : إنما يتوقف على الاختصاص فقط بتصور ـ هكذا ـ الغير مجملا فتصور أنواعه وأجناسه الشاملة المتناهية.
ولا بمجموع الأجزاء لأنه الأول.
ولقائل أن يقول : فات الجزء الصوري.
ولا ببعضها وإلا فيعرف نفسه لأنه بعد تعريفه وغيره وقد بطل.
ولقائل أن يقول : بعد معرفته فقط.
ولا بما يتركب منهما لأنه يبطل بما مرّ.
قيل : نجد النفس طالبة لتصور الملك الروح ـ قلنا : تفسير اللفظ أو طلب البرهان على وجودهما وهو تصديق.
وقد بان أن التصور إما بديهي أو حسي أو وجداني أو ما يركبه العقل أو الخيال منها والاستقراء يحققه.
والقائلون باكتسابه قالوا : ليس كله كذلك وإلا لدار أو تسلسل بل ما يتوقف عليه تصديق بديهي بديهي وغيره محتمل.
ولقائل أن يقول : إنما لزم ذلك حيث جعل التصور جزء التصديق.
__________________
(١) انظر : غاية المرام للآمدي (ص ٢٧٠) ، والمواقف للإيجي (١ / ٨١ ، ٩١) (٢ / ٨٣ ، ٩٣) ، والإشارات والتنبيهات لابن سينا (١ / ١١٣).