قسيما باعتبار ، ولا يقال : لو لم يكن متصورا امتنع الحكم بعدم تصوره لأنا نقول : فيتعارض دليلان قاطعان على مدلول.
ولقائل أن يقول : أقطعني وظهر فيه بأظهر.
إن هذا الحكم يستدعي امتيازه عن الوجود ، فله هوية ويمكن رفعها وإلا انتفى الوجود وهو رفع خاص ، فيكون داخلا تحت العدم المطلق ، فيكون قسيم العدم قسما منه ، هذا خلف.
لو سلمنا الامتياز لكن الإثبات والنفي قد يكون المراد منهما : ثبوت الشيء في نفسه أو عدمه في نفسه ، كقولنا السواد إما أن يكون موجودا وإما أن لا يكون موجودا وقد يكون المراد منهما : ثبوت الشيء لشيء آخر وعدمه عنه كقولنا : الجسم إما أن يكون أسود وإما أن لا يكون لكن لاحق في مراد كل واحد منهما ، فأول الأوائل باطل أيضا. هذه وجوه عدم الحق في مراد كل واحد منهما : فأول الأوائل باطلاً أيضاً.
هذه وجوه عدم الحق في مراد كل واحد منهما :
أما المعنى الأول فلأنا إذا قلنا السواد موجود ، فإما أن يكون كونه سوادا هو نفس كونه موجودا ، أو مغايرا له ؛ والأول باطل لأن على هذا التقدير كان قولنا السواد موجود جاريا مجرى قولنا السواد سواد وقولنا الموجود موجود ومعلوم أنه ليس كذلك لأن الأخير هذر والأول مفيد ، والثاني باطل أيضا لوجهين :
أحدهما لأنه لو كان السواد مغايرا لموجود في تلك القضية ، ومع ذلك قلنا : السواد موجود فهذا إنما جائز لنا لأن واحدا منهما قائم بالآخر ، لكن إذا كان الوجود قائما بالسواد ، فالسواد في نفيه ليس بموجود وإلا لعاد البحث فيه ولكان الشيء الواحد موجودا مرتين ، وإذا كان كذلك كان الوجود قائما بما ليس بموجود.
الثاني أنه إذا كان الوجود مغايرا للماهية ، كان مسمى قولنا السواد غير مسمى قولنا موجود ، فإذا قلنا السواد موجود ، بمعنى أن السواد هو موجود ، كان ذلك حكما بوحدة الاثنين وهو محال.
وأما المعنى الثاني يعني : ثبوت الشيء لشيء آخر وعدمه عنه كما في قولنا الجسم إما أن يكون أسود وإما أن لا يكون. فلاحق فيه كذلك ، وهذا وجهه : من الظاهر أنه لا يمكن التصديق به ، إلا بعد تصور معنى قولنا الجسم أسود والجسم ليس بأسود ، ـ فنقول :
إذا قلنا الجسم أسود فهو محال من وجهين :
أحدهما : أنه حكم بوحدة الاثنين على ما تقدم تقريره وهو باطل.
الثاني : أن موصوفية الجسم بالسواد إما أن يكون وصفا عدميا أو ثبوتيا ، الأول