المقدمة الثانية
في النظر
مسألة : النظر ترتيب تصديقات يتوصل بها إلى تصديقات أخر.
وقيل : تجريد النفس عن الغفلات ؛ وقيل تحديق العقل نحو المعقول ثم المقدمتان إن كانتا معا يقينيتين فكذا النتيجة وإلا فلا.
مسألة : النظر المفيد للعلم موجود مطلقا ، خلافا للسمنية ، وفي الإلهيات خلافا لقوم.
لنا العالم ممكن لأنه متغير ، يعني : للزومه ليقينيتين ، قالت السمنية : العلم بأن الحاصل منه علم ليس ضروريا ، إذ يحتمل خلافه ؛ ولا نظريا وإلا تسلسل ، قلنا : نظري لأن اللازم عن الضروري ضروري ، والعلم بالنتيجة ضروري فلا تسلسل.
قالوا : إن كان معلوما فلا طلب ، وإلا فمن أين يعرف إذا وجد؟ قلنا : من التصور السابق.
قالوا : نجزم بصحته ويظهر غلطه ـ قلنا : معارض بالحس.
قالوا : العلم بالمقدمتين معا لا يحصل ، والواحدة لا ينتج. قلنا : يحصل كما في الشرطية لأن الحكم بلزوم قضية لأخرى مسبوق بتصورهما.
قال الآخرون : التصديق مسبوق بالتصور ، والمتصور إما حسي أو وجداني أو عقلي.
قلنا : يتصور بحسب العوارض المشتركة ـ المشتركة ـ.
قالوا : أظهر الأشياء وأقربها إلى الإنسان نفسه ، وقد اختلف فيها ، فما ظنك بالأخفى والأبعد؟ قلنا : للعسر لا للتعذر.
مسألة : العلم باللّه ـ تعالى ـ مستغن عن المعلم ، خلافا للملاحدة.
لنا : العالم له مؤثر ، لأنه ممكن كان المعلم أو لا.
واعتمد جمهور المعتزلة (١) وأصحابنا في إبطاله على أمرين :
إنه يفتقر إلى معلم آخر ويتسلسل. ورد : يحتمل أن ينتهي من عقله أكمل
__________________
(١) انظر الكلام على هذه الفرقة في أبكار الأفكار للآمدي.