حدوث العالم
ثم يعتقدون أن لهذا العالم صانعا صنعه ، ومحدثا أحدثه ، وموجدا أوجده من العدم إلى الوجود لأنه حال وجوده وهو شيء موجود موصوف بالحياة والسمع لا يقدر أن يحدث في ذاته شيئا ففي حال عدمه وهو ليس بشيء أولى وأحرى ألا يوجد نفسه ، ولأنه لو كان موجدا لنفسه لم يكن وجوده اليوم بأولى من وجوده غدا ، ولا وجوده غدا بأولى من وجوده اليوم ، ولا كونه أبيض بأولى من كونه أسود ، فدل على أن له مخصصا يخصصه وموجدا يوجده. قال اللّه تعالى :(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ) (الروم : من الآية ٢٢).
صفة الوحدانية
ثم يعتقدون أن محدث العالم هو اللّه عز وجل ، وأنه واحد أحد ؛ لأن الاثنين لا يجري أمرهما على النظام ، لأنهما إذا أرادا شيئا لا يخلو إما أن يتم مرادهما جميعا أو لا يتم مرادهما جميعا أو يتم مراد أحدهما دون الآخر.
فإن لم يتم مرادهما جميعا ؛ بطل أن يكون إلهين ، ومحال أن يتم مرادهما جميعا ، لأنه قد يريد أحدهما إحياء جسم والآخر يريد إماتته ، والإنسان لا يكون حيا أو ميتا في حالة واحدة.
وإن تواطئا فالتواطؤ أيضا لا يكون إلا عن عجز ، وإن تم مراد أحدهما دون الآخر ، فالذي لم يتم مراده ليس بإله ؛ لأن من شروط الإله أن يكون مريدا قادرا ؛ فدل على أن اللّه عز وجل واحدا أحد.
قال اللّه عز وجل : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) (البقرة : من الآية ١٦٣). وقال عز وجل :
__________________
والرابع : أن من قلد القرآن والسنة القطعية صحّ إيمانه لاتباعه القطعيّ ومن قلد غير ذلك لم يصح إيمانه لعدم أمن الخطأ على غير المعصوم.
والخامس : الاكتفاء به من غير عصيان مطلقا ، لأن النظر شرط كمال فمن كان فيه أهلية النظر ولم ينظر فقد ترك الأولى.
السادس : أن إيمان المقلد صحيح ، ويحرم عليه النظر ، وهو محمول على المخلوط بالفلسفة.
قال الشيخ البيجوري : والقول الحق الذي عليه المعوّل من هذه الأقوال القول الثالث.
انظر / حاشية البيجوري على الجوهرة (ص / ٣٤ ـ ٣٥).