ذكرت الرد على المخالف لاعترافي بالتقصير بل كان غرضي أن أشير إلى مذهب أهل الحق لأبين ما هم عليه من التوحيد واتباع السنة ، وأرجو أن يكون قد حصل المقصود إن شاء اللّه تعالى.
صفة السمع والبصر
ثم يعتقدون أن اللّه عز وجل يسمع بسمع قديم أزلي (١) ، ويبصر ببصر قديم أزلي أبدا(٢) كان موصوفا بهما وأبدا يكون ، لأن عدمهما يوجب إثبات ضديهما وهما الصمم والعمي وذلك آفة ، قال اللّه عز وجل : (وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (الحج : من الآية ٦١) وقال عز وجل : (أَسْمَعُ وَأَرى) (طه : من الآية ٤٦).
صفة الكلام
ثم يعتقدون أن اللّه عز وجل متكلم بكلام قديم أزلي أبدي غير مخلوق ولا محدث ولا مفتر ولا مبتدع ولا مخترع بل أبدا كان متكلما به وأبدا يكون ، لاستحالة ضد الكلام من الخرس والسكوت عليه ، قال اللّه عز وجل : (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً) (النساء : من الآية ١٦٤) ، وقال : (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي) (الأعراف : ١٤٤) ، وقال عز وجل (فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ) (التوبة : من الآية ٦) فأثبت لنفسه الكلام بهذه الآيات ، فإذا ثبت أنه متكلم ، فكلامه قديم أزلي ، والدليل قوله عز وجل (الرَّحْمنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسانَ) (الرحمن ١ ـ ٣) فلو كان مخلوقا لقال : الرحمن خلق القرآن ، وخلق الإنسان ، فلما لم يقل ذلك ؛ فدل على أن الإنسان مخلوق ، والقرآن ليس بمخلوق.
ويدل عليه قوله عز وجل : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) (الأعراف : من الآية ٥٤). بالواو والأمر كلام اللّه ، فلو كان مخلوقا لقال الإله : الخلق والخلق ، ويكون تكرارا من الكلام ، فلما فصل بينهما بالواو ، دل على أن الخلق مخلوق ، والأمر كلام قديم أزلي قال اللّه عز وجل : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (النحل : ٤٠) فلو كان قوله كن مخلوقا لافتقر إلى قول قبله ، وكذلك ما قبله ، ويؤدي ذلك إلى
__________________
(١) فالسمع : صفة أزلية قائمة بذاته تتعلق بالموجودات ، الأصوات وغيرها كالذوات.
انظر / جوهرة التوحيد (ص / ٧٣).
(٢) فالبصر : صفة أزلية قائمة بذاته تعالى تتعلق بالموجودات الذوات وغيرها.
انظر / شرح البيجوري على الجوهرة (ص / ٧٣).