القاعدة الرابعة
في إبطال التشبيه (١)
وفيها الرد على أصحاب الصور ، وأصحاب الجهة والكرامية في قولهم إن الرب تعالى محل للحوادث.
فمذهب أهل الحق أن الله سبحانه لا يشبه شيئا من المخلوقات ولا يشبهه شيء منها بوجه من وجوه المشابهة والمماثلة (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) فليس الباري سبحانه بجوهر ولا جسم ولا عرض ولا في مكان ولا في زمان ولا قابل للأعراض ولا محل للحوادث (٢).
وصارت الغالبية من الشيعة إلى نوعي تشبيه أحدهما تشبيه الخالق بالخلق فقالت المغيرية والبيانية والهاشمية ومن تابعهم إنه الإله ذو صورة مثل صور الإنسان ونسج على منوالهم جماعة من مشبهة الصفاتية متمسكين بقوله صلىاللهعليهوسلم : «خلق الله آدم على صورة الرحمن وفي رواية على صورته» (٣) والنوع الثاني تشبيه المخلوق بالخالق.
فقالت هؤلاء من الغالبية وجماعة أخرى : إن شخصا من الأشخاص إله أو فيه جزء من الإله سبحانه وتعالى عن قولهم متشخص به نسجا على منوال النصارى والحلولية في كل أمة ، ومن الكرامية من صار إلى أنه جوهر وجسم.
وأطبقوا على أنه بجهة فوق وأنه محل الحوادث قالوا : إذا خلق الله سبحانه
__________________
(١) انظر : غاية المرام في علم الكلام للآمدي (ص ١٥٧).
(٢) انظر : غاية المرام (ص ١٨٠) ، الفرق بين الفرق (ص ٢٠٤ ، ٢١٧) ، وإيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل (ص ٣٣).
(٣) حديث صحيح : رواه مسلم (٤ / ٢٠١٧ ، ٢١٨٣) ، والبخاري (٥ / ٢٢٩٩) ، وابن حبان (١٣ / ١٨) (١٤ / ٣٣) ، وأبو عوانة في مسنده (١ / ١٦٠) ، والربيع في مسنده (١ / ٣١٤ ، ٣١٨ ، ٣١٩) ، وعبد الرزاق في مصنفه (٩ / ٤٤٤ ، ٤٤٥) ، وأحمد في المسند (٢ / ٢٤٤ ، ٢٥١ ، ٣١٥ ، ٣٢٣) ، والحميدي في مسنده (٢ / ٤٧٦) ، وعبد بن حميد في المنتخب (ص ٢٨٣ ، ٤١٧) ، واللالكائي في أصول الاعتقاد (٣ / ٤٢٢ ، ٤٢٣) ، وابن أبي عاصم في السنة (١ / ٢٢٩ ، ٢٣٠) ، وعبد الله بن أحمد في السنة (١ / ٢٦٨ ، ٢٧٧).