من الحجر ، والجهمية نزهوا الله عن عرشه لئلا يحويه مكان ، ثم قالوا : هو في الآبار والأنجاس وفي كل مكان ، وهكذا طوائف الباطل لم يرضوا بنصوص الوحي فابتلوا بزبالة أذهان المتحيرين ، وورثة الصابئين (١) وأفراخ الفلاسفة الملحدين.
__________________
(١) قال الإمام ابن الجوزي في «التلبيس» : أصل هذه الكلمة ـ أعنى الصابئين ـ من قولهم : صبأت ، إذا خرجت من شيء إلى شيء ، وصبأت النجوم : إذا ظهرت ، وصبأ به : إذا خرج ، والصابئون : الخارجون من دين إلى دين.
وللعلماء في مذاهبهم عشرة أقوال : أحدها : أنهم بين النصارى والمجوس ، (رواه سالم عن سعيد بن جبير ، وليث عن مجاهد) ، والثاني : أنهم بين اليهود والمجوس ، (رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد) ، والثالث : أنهم بين اليهود والنصارى (رواه القاسم بن أبي بزة عن مجاهد) ، والرابع : أنهم صنف من النصارى ألين قولا منهم (رواه أبو صالح عن ابن عباس) ، والخامس : أنهم قوم من المشركين ، لا كتاب لهم (رواه القاسم أيضا عن مجاهد) ، والسادس : أنهم كالمجوس (قاله الحسن) ، والسابع : أنهم فرقة من أهل الكتاب ، يقرءون الزبور (قاله أبو العالية) ، والثامن : أنهم قوم يصلون إلى القبلة ويعبدون الملائكة ويقرءون الزبور (قاله قتادة ومقاتل) ، والتاسع أنهم طائفة من أهل الكتاب (قاله السدى) ، والعاشر : أنهم كانوا يقولون لا إله إلا الله ، وليس لهم عمل ، ولا كتاب ولا نبي إلا قول لا إله إلا الله (قاله ابن زيد).
ثم قال : أما المتكلمون فقالوا : مذهب الصابئين مختلف فيه ، فمنهم من يقول : إن هناك هيولى كان لم يزل ، ولم يزل يصنع العالم من ذلك الهيولى.
ومن أقوالهم : العالم ليس بمحدث ، وسموا الكواكب «ملائكة» ، وسماها قوم منهم آلهة وعبدوها ، وبنوا لها بيوت عبادات ، وهم يدعون أن بيت الله الحرام واحد منها ، وهو بيت زحل ، وزعم بعضهم أنه لا يوصف الله إلا بالنفي دون الإثبات ويقال : ليس بمحدث ولا موات ولا جاهل ولا عاجز ، قالوا لئلا يقع تشبيه ، ولهم تعبدات في شرائع منها :
أنهم زعموا أن عليهم ثلاث صلوات في كل يوم ، أولها : ثمان ركعات وثلاث سجدات. في كل ركعة ، وانقضاء وقتها عند طلوع الشمس ، والثاني : خمس ركعات ، والثالثة كذلك.
وعليهم صيام شهر ، أوله الثمان ليال يمضين من آذار ، وسبعة أيام أولها التسع