أو من الاتباع ، أو من تحريك الصلوين فإذا كان هذا في أظهر الأسماء ، فما الظن بغيره.
فتأمل هذا الوهم والإيهام ، واللبس والتلبيس ، فإن جميع أهل الأرض علمائهم وجهلائهم ، ومن يعرف الاشتقاق ومن لا يعرفه ، وعربهم وعجمهم يعلمون أن (الله) اسم لرب العالمين خالق السموات والأرض الذي يحيى ، وهو رب كل شيء ومليكه. فهم لا يختلفون في أن هذا الاسم يراد به هذا المسمى ، وهو أظهر عندهم وأعرف وأشهر من كل اسم وضع لكل مسمى ، وإن كان الناس متنازعين في اشتقاقه فليس ذلك بنزاع منهم في معناه.
وكذلك الصلاة لم يتنازعوا في معناها الذي أراده الله ورسوله وإن اختلفوا في اشتقاقها ؛ وليس هذا نزاعا في وجه الدلالة عليه. وكذلك قوله تعالى : (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) (النساء : ١٧٦) يقدره البصريون كراهة أن تضلوا ، والكوفيون لئلا تضلوا.
وكذلك اختلافهم في التنازع وأمثال ذلك ، إنما هو نزاع في وجه دلالة اللفظ على ذات المعنى ، مع اتفاقهم على أن المعنى واحد ؛ وهذا اللفظ لا يخرج اللفظ عن إفادته السامع اليقين بمسماه.
الثالث والخمسون : أن يقول هذه الوجوه العشرة مدارها عل حرف واحد ، وهو : أن الدليل اللفظي يحتمل أزيد من معنى واحد فلا يقطع بإرادة المعنى الواحد.
فنقول : من المعلوم أن أهل اللغة لم يشرعوا للمتكلم أن يتكلم بما يريد به خلاف ظاهره إلا مع قرينة تبين المراد ؛ والمجاز إنما يدل على القرينة بخلاف الحقيقة ، فإنها تدل مع التجرد. وكذلك الحذف والإضمار لا يجوز إلا إذا كان في الكلام ما يدل عليه. وكذلك التخصيص ليس لأحد أن يدعيه إلا مع قرينة تدل عليه ، فلا يسوّغ العقلاء لأحد أن يقول : جاءني زيد ، وهو يريد ابن زيد إلا مع قرينة ، كما في قوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ). «وسئل العير» عند من يقول إنه من هذا الباب ، فإنه يقول : القرية والعير لا يسألان فعلم أنه أراد