علم ، يتكلمون بالمتشابه من الكلام ، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم. فنعوذ بالله من فتن المضلين».
وهذه الخطبة تلقاها الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقد ذكرها محمد بن وضاح في أول كتابه في «الحوادث والبدع». فقال : حدثنا أسد حدثنا رجل يقال له يوسف ثقة. عن أبي عبد الله الواسطي رفعه إلى عمر ابن الخطاب أنه قال : «الحمد لله الذي امتن على العباد بأن جعل في كل زمان فترة من الرسل ، بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ، ويصبرون منهم على الأذى ، يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بكتاب الله أهل العمى. وكم من قتيل لإبليس قد أحيوه ، وتائه ضال قد هدوه بذلوا دمائهم وأموالهم دون هلكة العباد. فما أحسن أثرهم على الناس عليهم ، وما نسيهم ربك ، ولا كان ربك نسيا ، جعل قصصهم هدى ، وأخبر عن حسن مقالاتهم. فلا تقتصر عنهم ، فإنهم في منزلة رفيعة وإن أصابتهم الوضيعة».
فالمتشابه ما كان له وجهان يخدعون به جهال الناس ، فيا لله كم قد ضل بذلك طوائف من بني آدم. واعتبر ذلك بأظهر الألفاظ والمعاني في القرآن والسنة وهو التوحيد الذي حقيقته إثبات صفات الكمال لله وتنزيهه عن أضدادها. فاصطلح أهل الباطل على وضعه ، ثم دعوا الناس إلى التوحيد فخدعوا به من لم يعرف معناه في اصطلاحهم ، وظن أن ذلك التوحيد هو الذي دعت إليه الرسل.
(أنواع التوحيد والتحريف في معناه) (*)
والتوحيد اسم لستة معان : توحيد الفلاسفة ، وتوحيد الجهمية ، وتوحيد القدرية الجبرية ، وتوحيد الاتحادية ، فهذه الأربعة أنواع من التوحيد جاءت الرسل بإبطالها ودل على بطلانها العقل والنقل.
فأما توحيد الفلاسفة : فهو إنكار ماهية الرب الزائدة على وجوده ، وإنكار صفات كماله وأنه لا سمع له ولا بصر ولا قدرة ولا حياة ولا إرادة ولا كلام
__________________
(*) وانظر (ص ٢٥١).