(معنى قولهم : الأعراض ، والأغراض ، والأبعاض)
فتنزيههم عن الأعراض : هو من أحد صفاته كسمعه وبصره وحياته ، وعلمه ، وكماله ، وإرادته ، فأن هذه أعراض لا تقوم إلا بجسم ، فلو كان متصفا بها لكان جسما وكانت أعرضا له وهو منزه عن الأعراض.
وأما الأغراض : فهي الغاية والحكمة التي لأجلها يخلق ويفعل ، ويأمر وينهي ويثيب ويعاقب ، وهي الغايات المحمودة المطلوبة له من أمره ونهيه وفعله ؛ فيسمونها أغراضا وعللا ينزهونه عنها.
وأما الأبعاض : فمرادهم بتنزيهه عنها أنه ليس له وجه ولا يدان ؛ ولا يمسك السماوات على إصبع ، والأرض على إصبع ، (والشجر على إصبع) ، والماء على إصبع ، (فإن) ذلك كله أبعاض ، والله منزه عن الأبعاض.
وأما الحدود والجهات : فمرادهم بتنزيهه عنها أنه ليس فوق السماوات رب ولا على العرش إله ، ولا يشار إليه بالأصابع إلى فوق كما أشار إليه أعلم الخلق به ، ولا ينزل منه شيء ، ولا يصعد إليه شيء ، ولا تعرج الملائكة والروح إليه ، ولا رفع المسيح إليه ، ولا عرج برسول الله محمد صلىاللهعليهوسلم إليه ، إذ لو كان كذلك لزم إثبات الحدود والجهات له وهو منزه عن ذلك.
وأما حلول الحوادث : فيريدون به أنه لا يتكلم بقدرته ومشيئته ، ولا ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا ، ولا يأتي يوم القيامة ولا يجيء ، ولا يغضب بعد أن كان راضيا ، ولا يرضى بعد أن كان غضبان ، ولا يقوم به فعل البتة ، ولا أمر مجدد بعد أن لم يكن ، ولا يريد شيئا بعد أن لم يكن مريدا له. فلا يقول له كن حقيقة ، ولا استوى على عرشه بعد أن لم يكن مستويا ، ولا يغضب يوم القيامة غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، ولا ينادي عباده يوم القيامة بعد أن لم يكن مناديا ، ولا يقول للمصلي إذا قال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)