تاب إليه العباد ، ونداؤه لموسى حين أتى الشجرة ، ونداؤه للأبوين حين أكلا من الشجرة ، ونداؤه لعباده يوم القيامة ، ومحبته لمن كان يبغضه حال كفره ثم صار يحبه بعد إيمانه وربوبيته التي هو بها كل يوم في شأن ـ حوادث ، وقلتم هو منزه عن حلول الحوادث ، وحقيقة هذا التنزيه أنه منزه عن الوجود وعن الربوبية وعن الملك وعن كونه فعالا لما يريد ، بل عن الحياة والقيومية.
فانظر ما ذا تحت تنزيه المعطلة المنفاة بقولهم : ليس بجسم ولا جوهر ولا مركب ، ولا تقوم به الأعراض ، ولا يوصف بالأبعاض ، ولا يفعل بالأغراض ، ولا تحله الحوادث ، ولا تحيط به الجهات ، ولا يقال في حقه أين ، وليس بمتحيز ، كيف كسوا حقائق أسمائه وصفاته ، وعلوه على خلقه ، واستواءه على عرشه ، وتكليمه لخلقه ، ورؤيتهم له بالأبصار في دار كرامته ، هذه الألفاظ ، ثم توسلوا إلى نفيها بواستطها. وكفروا وضللوا من أثبتها ، واستحلوا منه ما لم يستحلوه من أعداء الله من اليهود والنصارى. فإلى الله الموعد وإليه الملتجأ ، وإليه التحاكم ، وبين يديه التخاصم.
نحن وإياهم نموت ولا |
|
أفلح يوم الحساب من ندما |
* * *
(فصل)
(في تحريف اسمه تعالى : العدل)
ومن ذلك لفظ «العدل» ، جعلته القدرية اسما لإنكار قدرة الرب على أفعال العباد وخلقه لها ومشيئته ، فجعلوا إخراجها عن قدرته ومشيئته هو العدل ، وجعل سلفهم إخراجها عن تقدم علمه وكتابته من العدل ، وسموا أنفسهم بالعدلية ، وعمدوا إلى إثبات عموم قدرته على كل شيء من الأعيان والأفعال وخلقه لكل شيء وشمول مشيئته ، فسموه جبرا ، ثم نفوا هذا المعنى الصحيح وعبروا عنه بهذا الاسم ثم سموا أنفسهم أهل العدل وسموا من أثبت صفات الرب وأثبت قدره وقضاءه أهل التشبيه والحيز.