وهذا يبين أن ما في النصوص من الخبر فهو صدق ، علينا أن نصدق به لا نعارضه ولا نعرض عنه. ومن عارضه بعقله لم يصدق به ، ولو صدقه تصديقا مجملا ولم يصدقه تصديقا مفصلا في أعيان ما أخبر به لم يكن مؤمنا. ولو أقر بلفظه مع جحد معناه أو صرفه إلى معان أخر غير ما أريد به لم يكن مصدقا ، بل هو إلى التكذيب أقرب.
(كيف كان الصحابة يعارضون بعض النصوص)
السابع والثلاثون : إن الصحابة كانوا يستشكلون بعض النصوص ويوردون استشكالاتهم على النبي صلىاللهعليهوسلم فيجيبهم عنها وكانوا يسألونه عن الجمع بين النصوص ويوردون التي يوهم ظاهرها التعارض ، ولم يكن أحد منهم يورد عليه
__________________
إصبع والجبال على إصبع والشجر على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول : أنا الملك فضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتّى بدت نواجذه ، ثم قرأ : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) قال يحيى بن سعيد : وزاد فيه فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله : «فضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم تعجبا وتصديقا له».
ووقع في حديث ابن عباس عند الترمذي : «مر يهودي بالنبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا يهودي حدثنا! فقال : كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السموات على ذه والأرضين على ذه ، والماء على ذه ، والجبال على ذه ، وسائر الخلق على ذه».
وأشار أبو جعفر ـ يعني أحد رواته ـ بخنصر أولا ثم تابع حتى بلغ الإبهام ، قال الترمذي : حديث حسن غريب صحيح أه ووقع في مرسل مسروق عند الهروى مرفوعا نحو هذه الزيادة (أفاده الحافظ في الفتح).
ونقل عن ابن بطال أنه قال في هذا الخبر : وحاصل الخبر أنه ذكر المخلوقات ، وأخبر عن قدرة الله على جميعها فضحك النبي صلىاللهعليهوسلم تصديقا له وتعجبا من كونه يستعظم ذلك في قدرة الله تعالى ، وأن ذلك ليس في جنب ما يقدر عليه بعظيم ، ولذلك قرأ قوله تعالى : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) ... الآية ، أي : ليس قدره في القدرة على ما يخلق على الحد الذي ينتهي إليه الوهم ، ويحيط به الحصر ، لأنه تعالى يقدر على إمساك مخلوقاته على غير شيء كما هى اليوم ، قال تعالى : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) ، وقال : (رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) أه.
وفي ذكر ضحكه صلىاللهعليهوسلم من هذا الخبر ، وهل هو ضحك تعجبا وإنكار ، أما رضا وتصديق راجع «الفتح» (١٣ / ٤٠٩ ـ ٤١٠) للحافظ ، ولكن تجنب تأويلاته رحمهالله التي يميل بها أحيانا إلى رأى الأشاعرة وغيرهم في التأويل لصفات الله عزوجل.