سائر المحالات ولا يدل ذلك على وجوده في الخارج ولا إمكانه ، ألا ترى أن قائلا لو قال : التقسيم يقتضي أن المعلوم إما قديم وإما حادث وإما قديم حادث وإما لا قديم ولا حادث كان التقسيم ذهنيا لا خارجيا وإن سلب النقيضين في ذلك كله في الإحالة كإثبات النقيضين؟
(فصل) يقال : ذاته سبحانه ؛ إما أن تكون قابلة العلو على العالم ، أو لا تكون قابلة فإن كانت قابلة وجب وجود المقبول لأنه صفة كمال ، وإلا لم تقبله ، لأن قبولها لذلك هو من لوازمها كقبول الذات للعالم والحياة والقدرة والسمع والبصر فوجدوا هذا إلزاما للذات ضرورة ، ولأنها إذ قبلته فلو لم تتصف به لاتصفت بضده ، وهو نقص يتعالى الله ويتقدس عنه. إن لم تكن قابلة للعلو لزم أن يكون قابل لعلو أكمل منها ؛ لأن ما يقبل أن يكون عاليا ، وإن لم يكن عاليا أكمل ممن لا يقبل العلو وما قبله وكان عاليا أكمل ممن قبله لم يكن عاليا. فالمراتب ثلاثة : أدناها ما لا يقبل العلو وأعلاها ما قبله واتصف به. والذي يوضح ذلك : أن ما لا يقبل أن يكون فوق غيره ولا عاليا عليه ؛ إما أن يكون عرضا من الأعراض لا يقوم بنفسه ، ولا يقبل أن يكون عاليا على غيره وإما أن يكون أمرا عدميا لا يقبل ذلك ، وأما إثبات ذات قائمة بنفسها متصفة بالسمع والبصر والقدرة والحياة والإرادة والعلم والفعل. ومع ذلك لا تقبل أن تكون عالية على غيرها ، فهذا بإمكان تصوره قبل التصديق بوجوده وليس مع من ادعى إمكانه إلا الكليات ، وكلاهما وجوده
ذهني لا وجود له في الخارج وإلا فما له وجود خارجي ، وهو قائم بنفسه له ذات يختص بها عن سائر الذوات موصوف بصفات الحى الفعال لا يمكن إلحاقه بالكليات والمجردات التي هي خيالات ذهنية لا أمور خارجية ، وقد اعترف المتكلمون بأن وجود الكليات والمجردات إنما هو في الأذهان لا في الأعيان.
* * *
فصل
الجهمية المعطلة معترفون بوصفه تعالى بعلو القهر وعلو القدر ، وأن ذلك كمالا لا نقص ، وأنه من لوازم ذاته ، فيقال : ما أثبتم به هذين النوعين من