فإن التعظيم له سبحانه بالمعرفة والعبادة ، ووصفه بما وصف به نفسه قد أمر به عباده وأعانهم عليه ورضى منهم بما قدروه من ذلك ؛ وإن كانوا لا يقدرونه حق قدره ، ولا يقدر أحد من العباد قدره ، فإنه إذا كانت السماوات السبع في يده كالخردلة في يد أحدنا ، والأرضون السبع فى يده الأخرى كذلك ، فكيف يقدره حق قدرة من عبد معه وغيره وجعل له ندا ، وأنكر صفاته وأفعاله؟ بل كيف يقدره حق قدره من أنكر أن يكون له يدان ؛ فضلا عن أن يقبض بهما شيئا؟ فلا يد عند المعطلة ولا قبض في الحقيقة ، وإنما ذلك مجاز.
وقد شرح تعالى لعباده ذكر هذين الاسمين : العلى ، العظيم ، في الركوع والسجود كما ثبت فى «الصحيح» ، لما نزلت (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) قال النبي صلىاللهعليهوسلم «اجعلوها فى ركوعكم» فلما نزلت (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) قال «اجعلوها في سجودكم» (١) ، فهو سبحانه كثيرا ما يقرن في وصفه بين هذين الاسمين ، كقوله (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (البقرة : ٢٥٥) وقوله : (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (سبأ : ٢٣) ، وقوله : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ) (الرعد : ٩) ثبت بذلك علوه على المخلوقات وعظمته ، والعلو رفعته ، والعظمة قدره ذاتا ووصفا.
__________________
(١) [ضعيف الإسناد] الحديث ليس في الصحيح إنما أخرجه الإمام أحمد (٤ / ١٥٥) ، وأبو داود (٨٦٩) ، وابن ماجه (٨٨٧) ، والحاكم (١ / ٢٢٥ ، ٢ / ٤٧٧) ، وابن حبان (٣ / ١٨٩٥ ـ إحسان). والبيهقي (٢ / ٨٦) من طرق عن موسى بن أيوب الغافقى قال : سمعت عمى إياس بن عامر. قال الحاكم : صحيح ، وقد اتفقا على الاحتجاج برواته غير إياس بن عامر وهو مستقيم الإسناد ، وتعقبه الذهبى بقوله : إياس ليس بالمعروف أه.
وقال الألباني : وأورده ابن أبي حاتم (١ / ١ / ٢٨١) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، فالأقرب عندى ما قاله فيه الذهبى والله أعلم ، وضعف الحديث وانظر «الإرواء» (٣٣٤).