ومعلوم أن هذا ليس بمدح من كل وجه وإن تضمن مدحا من جهة القدرة والسلطان ، وإنما المدح التام أن يتضمن ذلك حكمته وحمده ووقوع أفعاله على أتم المصالح ، ومطابقته للحكمة والغايات المحمودة. فلا يسأل عما يفعله لكمال ملكه وكمال حمده ، فله الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. فاستدلال نفاة الحكمة بهذه الآية كاستدلال نفاة الصفات بقوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشورى : ١١) والآيتان دالتان على ضد قول الطائفتين ؛ فليس كمثله شيء لكمال صفاته التى بكمالها وقيامها به لم يكن كمثله شيء ولا يسأل عما يفعل لكمال حكمته وحمده.
* * *
فصل
(قضاء الله كله عدل)
وأما قوله في حديث ابن مسعود «ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك» (١)
__________________
(١) [حديث صحيح] أخرجه الإمام أحمد (١ / ٣٩١) ، وأبو يعلى (٢ / ٢٤٦) ، والبزار (١ / ٣٠٤) ، وابن حبان في «صحيحه» (٢٣٧٢) ، والحاكم (١ / ٥٠٩) وقال : صحيح على شرط مسلم إن سلم من إرسال عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه فإنه مختلف في سماعه عن أبيه ، وتعقبه الذهبى بقوله : أبو سلمة لا يدرى من هو ، ولا رواية له في الكتب الستة ا ه.
والحديث ذكره الألباني في «الصحيحة» (١٩٩) وتكلم في رفع الجهالة عن أبي سلمة هذا بكلام الحافظ في «تعجيل المنفعة» ، والشيخ شاكر فى تحقيق «المسند» ، ثم تكلم عن وصل الحديث وإثبات سماع عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه وصححه فانظره ، وانظر «الكلم الطيب» بتحقيقه (١٢٣).
وذكره أيضا الحافظ الهيثمى في «المجمع» (١٠ / ١٣٦ ، ١٨٧) وقال : ورجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح غير أبي سلمة الجهنى وقد وثقه ابن حبان ا ه.
وقوله : «ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك». تضمن هذا الكلام أمرين :
أحدهما : مضاء حكمه في عبده.
والثاني : يتضمن حمده وعدله وهو سبحانه له الملك وله الحمد.